العمق وذاك الترابط، فما هو تاريخ الحج؟ وكيف بدأت فرضيته؟ وما هي أدلة وجوبه، وما الشروط المعتبرة للوجوب؟
تبدأ رحلة الحج في أعماق الزمن، منذ ضاقت الحياة بإبراهيم عليه السلام مع قومه الوثنيين الجاحدين في العراق، فرحل منها إلى فلسطين، ومعه زوجته سارة وابن أخيه لوط - عليهم السلام- كما قال تعالى:{فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ وَقَالَ إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَى رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}(١).
وأقام الخليل عليه السلام في فلسطين، ثم رحل إلى مصر وأقام فيها ما شاء الله له أن يقيم، ووقعت له هناك قصة الابتلاء لزوجته سارة من قبل ظالم مصر، الذي حالت قدرة الله دون الاعتداء على المؤمنة العفيفة، وكان ذلك سببًا في إهدائها جارية لخدمتها، ألا وهي (هاجر) ومن هاجر بدأت قصة أخرى أكثر صلة بالحج، وبناء البيت العتيق.
حيث رجع إبراهيم- عليه السلام- مرة أخرى إلى فلسطين، وكانت زوجته سارة عاقرًا لا تلد، فأشارت على زوجها إبراهيم بالزواج من جاريتها (هاجر) لعل الله أن يهبه منها ولدًا، فكان، وولدت (هاجر) إسماعيل عليه السلام، كما شاء الله أن تلد (سارة) إسحاق عليه السلام، ومع البقاء، وطبيعة النساء، غارت سارة من هاجر ولم تطق رؤيتها، وصارحت إبراهيم بما تجد في نفسها فكان ذلك سببًا في هجرته بهاجر وإسماعيل إلى مكة.
وهناك في أرض لا زرع فيها ولا ماء، ولا أنيس ولا جليس ترك إبراهيم المرأة وطفلها، وهَّم بالعودة إلى فلسطين مرة أخرى فتعلقت به الأم (هاجر) وهي تقول: إلى من تكلنا ونحن في هذا الوادي المقفر الموحش؟ فقال النبي