للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وورد أيضًا عنه صلى الله عليه وسلم بهذا الخصوص قوله: «إذا زنا أحدكم خرج منه الإيمان وكان عليه كالظلة فإذا انقطع رجع إليه الإيمان» (١).

إخوة الإيمان -عصمني الله وإياكم والمسلمين من الفواحش ما ظهر منها وما بطن- وكم أذل الزنا من عزيز، وأفقر من غنى، وحط من الشرف والمروءة والإباء، عاره يهدم البيوت ويطأطئ عالي الرؤوس، يُسوِّد الوجوه البيضاء، ويخرس ألسنة البلغاء، ينزع ثوب الجاه مهما اتسع، ويخفض عالي الذكر مهما علا، إنه شين لا يقتصر تلويثه على من قارفه، بل يشين أفراد الأسرة كلها .. إنه العار الذي يطول حتى تتناقله الأجيال.

بانتشاره تضمر أبواب الحلال، ويكثر اللقطاء، وتنشأ طبقات بلا هوية طبقات شاذة تحقد على المجتمع وتحمل بذور الشر- إلا أن يشاء الله- وحينها يعم الفساد ويتعرض المجتمع للسقوط.

أيها العقلاء فكروا قليلاً في الصدور قبل الورود، وتحسبوا لمستقبل الأيام، وعوادي الزمن قبل الوقوع في المحظور، واخشوا خيانة الغير بمحارمكم إذا استسهلتم الخيانة بمحارم غيركم، وكم هي حكمة معلِّمة تلك الكلمات التي قالها الأب لابنه حين اعتدى في غربته على امرأة عفيفة بلمسة خفيفة، فاعتدى في مقابل ذلك (السَّقاء) على أخته بمثلها وحينها قال الأب المعلم لابنه: «يا بني دقة بدقة ولو زدت لزاد السقا». وإياكم إياكم أن تلوثوا سمعتكم وفيما قسم الله لكم من الحلال غنية عن الحرام.

وتصوروا حين تراودكم أنفسكم الأمارة بالسوء أو يراودكم شياطين الجن


(١) الحديث رواه أبو داود، والحاكم وصححه، شرح السنة للبغوي ١/ ٩٠، وانظر كلام ابن حجر في الفتح ١٢/ ٥٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>