الناس أنفسهم من هذه الرحمة حين يكفرون بالله، ويرفضون رحمته ويبعدون عنها.
إن توفر الطمأنينة إلى رحمة الله تملأ القلب بالثبات، والصبر، وبالرضا، وبالرجاء، والأمل، وبالهدوء والراحة ..
ألا وإنه لا ممسك لرحمةٍ يفتحها الله للناس، ولا مرسل لما أمسك {مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ مِن بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}(١).
أين الواثقون بعطاء الله، أين الإيمان بآيات الله، أين اليقين والرضا والتسليم بما قدر الله .. كيف تطلب الرحمة من غير واهبها؟ وكيف يطلب المسلمون الإرسال والمدد من البشر وبيد خالقهم مفاتيح النفع والضر؟ وهل تطيب النعم الظاهرة إذا كنت بمنأى عن رحمة الله؟ وهل تضير المحن والبلايا إذا ظللت أصحابها رحمة الله؟
يقول صاحب الظلال تعليقًا على هذه الآية- وما أروع ما قال-: (وما من نعمة- يمسك الله معها رحمته- حتى تنقلب هي بذاتها نقمة، وما من محنةٍ تحفها رحمه الله حتى تكون هي بذاتها نعمة، ينام الإنسان على الشوك مع رحمة الله فإذا هو مهاد، وينام على الحرير وقد أُمسكت عنه فإذا هو شوك القتاد، ويعالج أعسر الأمور برحمة الله فإذا هي هوادةٌ ويسر، ويعالج أيسر الأمور، وقد تخلت رحمة الله، فإذا هي مشقة وعسر، ويخوض بها المخاوف والأخطار فإذا هي أمن وسلام، ويعبر بدونها المناهج والمسالك فإذا هي مَهْلَكةٌ وبوار.
ولا ضيق مع رحمة الله إنما الضيق في إمساكها دون سواه، ولا ضيق ولو