للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحتى لا يطلع الشباب على علاقات آبائهم الخاصة فينشغلوا بها قبل أوانها ..

ومع كل ألوان التربية وأساليبها، واختلاف مراحلها، يثني الله على الآباء الذين يواصلون التربية بالدعاء للذرية، ويذكر من صفات عباد الرحمن: {وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً} (١).

وليس ذلك فحسب، بل تشهد سنة المصطفى صلى الله عليه وسلم وسيرته العملية اهتمامًا واضحًا بالشباب، وهل كان أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم إلا شبابًا أحداثًا؟ وسأعرض لنموذجٍ واحدٍ فقط يؤكد مدى العناية بالشباب، علمًا، وعملاً، ودعوةً، واحتسابًا، وتضحيةً وجهادًا، وفي قصة السبعين الذين استشهدوا ببئر معونة خيرُ مثال على تكامل التربية وشمولها لشباب الإسلام .. وفي قصتهم أخرج البخاري في صحيحه عن أنس ابن مالك رضي الله عنه: (أن رعلاً وذكران وعصية وبني أحيان استمدوا رسول الله صلى الله عليه وسلم على عدوًّ، فأمدهم بسبعين من الأنصار، كنا نسميهم (القُرَّاء) في زمانهم، كانوا يحتطبون بالنهار ويصلون بالليل حتى كانوا ببئر معونة، قتلوهم وغدروا بهم .. الحديث) (٢).

وفي صحيح مسلم عن أنس أيضًا- قال جاء ناسٌ إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: أن ابعث معنا رجالاً يُعلمونا القرآن والسنة، فبعث إليهم سبعين رجلاً من الأنصار يقال لهم القراء ... يقرؤون القرآن ويتدارسون بالليل، يتعلمون، وكانوا بالنهار يجيئون بالماء فيضعونه في المسجد، ويحتطبون فيبيعونه، ويشترون به الطعام لأهل الصفة وللفقراء ... الحديث (٣).


(١) سورة الفر قان، الآية: ٧٤.
(٢) انظر الفتح ٧/ ٢٨٥.
(٣) صحيح مسلم ٢/ ١٥١١ ح ٦٧٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>