للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي مسند الإمام أحمد عن أنس بن مالك- كذلك- قال: (كان شباب من الأنصار سبعين رجلاً يقال لهم القراء، يكونون في المسجد، فإذا أمسوا انتحوا ناحيةً من المدينة فيتدارسون ويصلون، يحسبهم أهلوهم في المسجد، ويحسبهم أهل المسجد في أهلهم، حتى إذا كان في وجه الصبح استعذبوا من الماء واحتطبوا من الحطب فجاءوا به فأسندوه إلى حجرة النبي صلى الله عليه وسلم) (١).

ومن مجموع هذه الروايات نستخلص الأمور التالية:

- أن هؤلاء السبعين من الشباب، كانت لهم همَّةٌ في قراءة القرآن ومدارسته، وتعلم العلم والاجتماع عليه، حتى عرفوا بالقراء، ويظهر حرصهم على أوقاتهم، فهم يكونون في السجد لشهود الصلاة مع المسلمين، فإذا أمسوا انتحوا ناحية من المدينة للمدارسة والصلاة ... حتى يحسبهم أهلوهم في المسجد، ويحسبهم أهل المسجد في أهليهم .. - وما أحلى الاجتماع إذا كان على طاعة الله- {الأَخِلاَّء يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلاَّ الْمُتَّقِينَ} (٢).

ومع همتهم في تلاوة القرآن ومدارسة العلم، والمحافظة على الصلوات- فرضها ونقلها- وإذا كان لهم نصيبهم من صلاة الليل فلا تسأل عن صلاتهم بالنهار- أقول مع هذه الهمة في العبادة .. فلهم همَّة بالعمل فلم يكونوا عالةً على أهليهم أو على المجتمع من حولهم بل كانوا يحتطبون ويبيعون ..

بل تجاوز نفعهم للآخرين (وكانوا يشترون الطعام للفقراء، ويوفرون الماء للمحتاجين من المسلمين).

ولم يقعدهم ذلك كلُّه عن الجهاد في سبيل الله، والدعوة لدينه، ولم


(١) الشيخ محمد العثيمين: من مشكلات الشباب/ ٤٦، ٤٧.
(٢) سورة الزخرف، الآية: ٦٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>