أما الفئة الثالثة فهي التي لا تزال واقعةً تحت تأثير طيش الشباب وغروره، لا تكاد تبلغها الدعوة- وإن سمعتها فكأنما على مضض تسمع، وربما خيل لها أن المخاطب بالحديث غيرها .. هذه الفئة يؤنبها الضمير حينًا فتفكر في الإقلاع عما هي فيه من بؤس وشقاء .. ولكن سرعان ما يغلبها الهوى وترتكس في حمأة الخطيئة، وتخادع نفسها بتنفس أجواء الحرية المزعومة .. وتظن أنها تتقلب في نعيم الشهوة ولو ساعة .. ثم تتكشف لها الحقائق بعد حين فإذا بها أسيرةٌ لعبودية الشهوة .. وتظل تتجرع مرارة المعصية أيامًا طويلة وربما لم تفق إلا على سياط الجلادين .. وضمن مجموعة المساجين، أَوَهكذا يُذلِّ الإنسان نفسه ويرضى بالعبودية والأسر، بعد الحرية والعافية؟
أيها الشاب، ومن الجهل ألا تكتشف المشكلة إلا إذا وقعت الواقعة وانتشرت الفضيحة، وينبغي أن تعلم أنك وإن ستر الله عليك في هذه الحياة، فسيفضحك- إن لم تتب- على رؤوس الأشهاد- بعد الممات.
ولابد أن تدرك أن السجن ليس مقصورًا على السجن الحسي المعروف، فثمةَ نوعٌ من السجن لاشك أنك تحس به أكثر من غيرك، إنه سجن الشهوة، وألم المعصية، وأسر الهوى .. فالمحبوس حقًا من حُبس عن خالقه فلا يتلذذ له بعبودية، ولا ينعم له بمناجاة، والمأسور من أسره هواه .. فهو يقوده إلى كلِّ هاوية ويقعد به عن أخلاق الإسلام العالية.
- أيها الشباب المصرُّ على السفاهة والغرور- وفي ظلِّ تشخيصي لمشكلتك .. كأني أراك غالب وقتك مهمومًا مغمومًا، قلقًا حائرًا .. تضيق بك الدنيا على سعتها .. وتكره الناس وهم يحبونك، ويظل الشيطان يلقي في روعك من الوساوس والأوهام ما ليس له في الواقع حقيقة ولا مقام؟
- أراك تتهرب من رؤية الوالدين .. وتخاف كثيرًا من المتدينين، وتأنس