للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كيد العدو ولو كان ذا تسليط: {وَإِن تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لاَ يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ} (١). والصبر والتقوى طريق العز والتمكين، كذلك أخبر الله عن يوسف عليه السلام: {إِنَّهُ مَن يَتَّقِ وَيِصْبِرْ فَإِنَّ اللَّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ} (٢).

أيها المسلمون:

حديث اليوم عن عبادة الضَّراء، وعُدَّة المسلم حين نزول البلاء، وزاد المؤمن حين وقوع الابتلاء، عن الطاقة المدَّخَرة في السراء، والحبل المتين في الضراء .. إنه الصبر تبدو مرارته ظاهرًا، ويصعب الاستشفاء به عند الضعفاء، لكن مرارته تغدو حلاوةً مستقبَلاً، ويأنس به رفيقًا الأقوياء النبلاء.

وعلى قدر أهل العزم تأتي العزائمُ ... وتأتي على قدر الكرام المكارمُ

ويكبر في عين الصغير صغيرها ... وتصغر في عين العظيم العظائمُ

جعل الله الصبر جوادًا لا يكبر، وصارمًا لا ينبو، وجندًا لا يهزم، وحصنًا حصينًا لا يهدم ولا يُثْلَم.

وهو كما قيل: آخيّة المؤمن، يجول ثم يرجع إليها، مثله للإنسان مثل العروةُ تَّثبتُ في الأرض أو الحائط، تُرْبَط بها الدابة، فتجول ثم تعود إليها.

وهو ساق إيمان الزمن فلا إيمان لمن لا صبر له، وإن كان فإيمان قليل في غاية الضعف، وصاحبه ممن يعبد الله على حرف فإن أصابه خير أطمأنَّ به وإن أصابته فتنة انقلب على وجهه، خسر الدنيا والآخرة .. فخير عيش أدركه السعداء بصبرهم، وترقوا إلى أعالي المنازل بشكرهم، فساروا بين جناحي


(١) سورة آل عمران، الآية: ١٢٥.
(٢) سورة يوسف، الآية: ٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>