للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصبر والشكر، إلى جنات النعيم، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله ذو الفضل العظيم (١) ..

أيها المؤمنون لا غنى عن الصبر في هذه الحياة، وإذا استوى الأبرار والفجار في حاجتهم للصبر على نكد العيش ومفاجأة الحياة، فاز الأبرار بالثواب العظيم على صبرهم لأنهم يصبرون في ذات الله، وخاب الفجار لأنهم لا يرجون من وراء صبرهم جزاءً ولا شكورًا.

وإذا كانت مرارة الدواء يعقبها الشفاء، فقد رتب الله على الصبر المحتسب عظيم الجزاء فقال جل من قائل: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ} (٢)، قال الأوزاعي رحمه الله: (ليس يوزن لهم ولا يكال إنما يغرف لهم غرفًا) (٣).

عباد الله وإذا كان المسلم محتاجًا للصبر في كل حال فحاجته إليه أشد إذا مرجت العهود، وضعفت الذمم واختلت المقاييس والقيم، ونحتاج للصبر إذا خُوِّنَ الأمين، وسُوِّدَ الخؤون، وألبس الحق بالباطل، وسكت العالمون، وتنمرَّ الجاهلون.

والصبر المشروع هنا ليس يأسًا مُقيطًا، ولا عجزًا مُقعِدًا، إنه الثبات على الحق، والنصح بالتي هي أحسن للخلق، والشعور بالعزة الإيمانية مع الظلم والهضم، والثقة بنصر الله وإن علت رايات الباطل برهة من الزمن، فالصبر والنصر- كما قيل- أخوان شقيقان، والفرج مع الكرب، والعسر مع اليسر.

أيها المسلم والمسلمة، وأنت محتاج للصبر على طاعة الله، وعن معاصي الله، وعلى أقدار الله ....


(١) عدة الصابرين، ابن القيم/ ١٢.
(٢) سورة الزمر، الآية: ١٠.
(٣) تفسير ابن كثير ٧/ ٨٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>