تحتاج للصبر على الطاعة شكرًا للمنعم، وأُنْسًا بالخالق، واستجلابًا لراحة القلب وطمأنينة النفس، وتحتاج للصبر على الطاعة لطول الطريق، وقلة الرفيق، وكثرة الأشواك.
كما تحتاج للصبر عن المعاصي لقوة الداعي، وضعف النفوس، وكيد الشيطان وغروره، أماني النفس بتقليد الهالكين ..
تحتاج للصبر هنا لآفات الذنوب والمعاصي عاجلاً، وقبح الورد على الله آجلاً.
وتحتاج للصبر على أقدار الله حين تطيش النفوس بفقدان الحبيب، وتعلو خفقات القلب للنازلة المفاجئة، وتصاب بالحيرة والاضطراب للمصيبة الجاثمة ...
أجل: إن الله يفتح بالصبر والاحتساب على عباده آفاقًا لم يحتسبوها، ويغدو البلاء في نظرهم نعمة يتفيؤون ظلالها ويأنسون بخالقهم من خلالها، ويتحول الضيق في تقدير غيرهم إلى سعة يغتبطون بها، ولسان حالهم ومقالهم يقول: نخشى أن تكون طيباتنا عجلت لنا في الحياة الدنيا، وربما ذهبت إلى مصاب مبتلى معنَّى- في نظرك- فتجاسرت على تعزيته في مصيبته فكان المُعَرِّي هو المُعَزَّى وعاد المُعَزَّى يذكر لك من أنعم الله عليه ما خفف المصاب عنه وأنسى فلا إله إلا الله لا يتخلى عن أوليائه في حال الضراء إذا كانوا معه في حال السراء. وما أجمل الصبر وصية للمؤمن في حال الشدة والرخاء.
أيها المسلمون، كم تُسلينا آيات القرآن بالصبر فلا نرعوي، وكم تهدينا سنَّةُ المصطفى صلى الله عليه وسلم ونظلُ بعدُ في حيرةٍ من أمرنا ليس عبثًا أن يتكرر الصبر في القرآن وفي تسعين موضعًا .. كما قال الإمام أحمد رحمه الله، وقد عدَّ لها العارفون أكثر من