وبعد يا إخوة الإسلام، فالحاجة ماسةٌ للصبر في كلِّ أحوالنا، وكذلك ينبغي أن نستصحب هذه العبادة في كلِّ شأن من شؤون حياتنا.
فالصبر سلوتنا على الطاعة لله إخلاصًا ومتابعةً وديمومةً وحفظًا.
والصبر عدتنا عن مقارفة المعاصي ومغالبة الشهوة والهوى، والرضى بأقدار الله المؤلمة حين تفجعنا، وما أحوجنا للصبر في تعلم العلم وتعليمه، وفي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والدعوة إلى الله بالحسنى.
والصبر رفيق الدربِّ حين تُظلم الدنيا في وجوهنا فيفتح الله به علينا ما لم يكن في حسباننا، نحتاج للصبر حين يَظلمُ القريب ويجور البعيد، ونحتاج للصبر في الثبات على الحقِّ المجردِ من كلِّ قوةٍ إلا قوة الجبَّار جلَّ جلاله، والخالي من كلِّ منحةٍ إلا منح الرحمن يوم القيامة، ونحتاج للصبر في عدم الاغترار بالباطل إذا دُعم بالمال وتكاثر حوله أشباه الرجال، واستشرفت له النفوس، وتطاولت له الأعناق حرصًا على مغنمٍ عاجلٍ أو خوفًا من بأسٍ ينزل، وإذا علم الله صدق النوايا، وتميز الصابرون الصادقون، وانقطعت العلائق بأسباب الأرض، وتعلقت القلوب بالله وحده، ورُجيَ النصر منه دون سواه، جاء نصر الله والفتح، وتحققت سنة الله في النصر لعباده الصابرين وفي مقدمتهم الأنبياء والمرسلون:{حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَن نَّشَاءُ وَلاَ يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ}(١).
هذه معاشر المسلمين بعض المفاهيم والمعاني حول الصبر، ويبقى حديثٌ عن مقامات الصبر وأعظم أنواعه، وأقسام الناس في الصبر وأفضل الصابرين، ونماذج للصبر، وآثار الصبر عاجلاً وآجلاً، والأمور المعينة على الصبر وما