للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واستشعار المصاب لهذه الحقيقة يخفف عنه ألم المصيبة، ويدعو إلى الصبر واحتساب الأجر عند ربه.

٢ - ليس ذلك فحسبه، بل إن مما يدعو المسلم للصبر طمعه في ثواب الله، ومعرفته ما أعد الله للصابرين، ويكفيه أن يتأمل قوله تعالى: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ} (١). أو أن يستيقن معية الله له حين يصبر، والحق تبارك وتعالى يقول: {إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} (٢). قال أهل التفسير: وهذه معيَّة خاصة تقتضي محبته ومعونته، ونصره وقربه، وهذه منقبة عظيمة للصابرين، فلو لم يكن للصابرين فضيلة إلا أنهم فازوا بهذه المعيَّة من الله لكفى بها فضلاً وشرفًا (٣).

وإن الله تعالى وعد على الصبر النصر والظفر، وهي الكلمة الحسنى التي وعد الله بها بني إسرائيل بما صبروا: {وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَآئِيلَ بِمَا صَبَرُوا وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُوا يَعْرِشُونَ} (٤). إلى غير ذلك من معاني الصبر وآثاره التي وردت في القرآن أو صحيح السنة، وهي تكشف عن عواقب الصبر وآثاره في الدنيا والآخرة.

٣ - ألا يغيب عن ذهن المبتلى بمصيبةٍ إنها قد تكون خيرًا عجَّله الله له ليتذكر أنْعُمَ الله عليه فيشكره عليها من جانب، وليصبر ويحتسب على هذه المصيبة فيأجره الله عليها، ويرفع درجاته من جانب آخر، وكم تحوَّلت المحن- في حياة الصابرين- إلى منحٍ ما زالوا يشكرون الله عليها. وقد تكون للعبد المنزلة لا


(١) سورة الزمر، الآية: ١٥.
(٢) سورة البقرة، الآية: ١٥٣.
(٣) تفسير السعدي ١/ ١٧٧.
(٤) سورة الأعراف، الآية: ١٣٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>