للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ستة، وكان لي أطرافٌ أربعة فأخذت طرفًا وأبقيت ثلاثة، ولئن ابتليت لقد عافيتَ، ولئن أخذت لقد أبقيت) (١).

ألا ما أروع الكلمة التي وردت عن بعض السلف:

(لولا مصائب الدنيا لوردنا الآخرة مفاليس) (٢).

٥ - ومما يعين على الصبر وتخفيف المصاب صدق اللجأ إلى الله، والتضرع بين يديه، فهو المعين وكاشف البلاء {وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ (٨٣) فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ} (٣). وهل علمت شيئًا من بلاء أيوب عليه السلام الذي قيل: إن الله يحج به يوم القيامة أهل البلاء؟

عن أنس بن مالك، رضي الله عنه، أن رسول الله وعلى الله عليه وسلم قال: «إن نبي الله أيوب عليه السلام كان في بلائه ثماني عشرة سنة، فرفضه القريب والبعيد، إلا رجلين من إخوانه كانا يغدوان إليه ويروحان إليه، فقال أحدهما لصاحبه: تعلم، والله لقد أذنب ذنبًا ما أذنبه أحد من العالمين، فقال له صاحبه: وما ذاك؟ قال: منذ ثماني عشرة سنة لم يرحمه الله، فيكشف ما به، فلما راحا عليه لم يصبر الرجل حتى ذكر ذلك لأيوب، فقال عليه السلام: لا أدري ما تقول: غير أن الله عز وجل يعلم أني كنتُ أمر على الرجلين يتنازعان فيذكران الله فأرجع إلى بيتي فأكفر عنهما كراهية أن يذكر الله إلا في حق .. إلخ القصة (٤) وفيها شفاه الله، ورد إليه ما كان سلبه منه، بعد أن


(١) السير للذهبي ٤/ ٤٣٠، ٤٣١.
(٢) عدة الصابرين/ ١٤٥.
(٣) سورة الأنبياء، الآيتان: ٨٣، ٨٤.
(٤) روى القصة أبو يعلى والبحار وقال الهيثمي: رجال البزار رجال الصحيح (مجمع الزوائد ٨/ ٢٠٨) قال ابن حجر، أصح ما ورد في قصته، (الفتح ٦/ ٤٢١) وإن كان ابن كثير استغرب رفع الحديث (التفسير ٥/ ٣٥٦) فقد ذكر أبو عبد الرحمن الأثري جملة من العلماء وصححوها ومنهم ابن كثير (الصبر/ ٣١).

<<  <  ج: ص:  >  >>