للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتتشابك، ويخيل إلى بعض الناس أنها أضخم من الشجرة الطيبة وأقوى، ولكنها تظل نافشة هشة، جذورها في التربة قريبة، حتى لكأنها على وجه الأرض، وما هي إلا فترة ثم تُجْتثٌ من فوق الأرض فلا قرار لها ولا بقاء (١).

إخوة الإيمان، وما أعظم مسؤولية الكلمة، ونبي الهدى، عليه الصلاة والسلام يقول: «إن العبد ليتكلم بالكلمة من رضوان الله، لا يُلقي لها بالاً يرفعه الله بها درجات، وإن العبد ليتكلم بالكلمة من سخط الله، لا يُلقي لها بالاً يهوي بها في جنهم» وفي لفظ «يزلُ بها في النار أبعد مما بين المشرق والمغرب» (٢).

قال ابن عبد البر، يرحمه الله: (الكلمة التي يهوي صاحبها بسببها في النار، هي التي يقولها عند السلطان الجائر، زاد ابن بطال: بالبغي أو بالسعي على المسلم، فتكون سببًا لهلاكه، وإن لم يُرد القائل ذلك، لكنها ربما أدت إلى ذلك فيكتب على القائل إثمها).

والكلمة التي ترقع بها الدرجات، ويُكتَب بها الرضوان، هي التي يدفع بها عن المسلم مظلمة، أو يفرج عنه كربة، أو ينصر بها مظلومًا.

ويضيف القاضي عياض: يحتمل أن تكون الكلمة من الخنا والرفث، وأن تكون في التعريض بالمسلم بكبيرة أو بمجون، أو استخفاف بحق النبوة والشريعة، وإن لم يعتقد ذلك.

ويزيد النووي: في هذا الحديث حثٌ على حفظ اللسان، فينبغي لمن أراد أن ينطق أن يتدبر ما يقول قبل أن ينطق، فإن ظهرت فيه مصلحة تكلم، وإلا أمسك) (٣).


(١) في ظلال القرآن/ الآية.
(٢) الحديث متفق عليه. خ/ ٦٤٧٦، ٦٤٧٧، م/ ٤٩، ٥٠.
(٣) فتح الباري ١١/ ٣١١. ونقل نصوصًا أخري.

<<  <  ج: ص:  >  >>