للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

علم أعظمها وأفحشها {قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُوا بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَاناً وَأَن تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ} (١).

وإليك ما قاله العارفون في تأويل هذه الآية: يقول الإمام ابن القيم، رحمه الله: (رتب الله المحرمات أربع مراتب، وبدأ بأسهلها وهو الفواحش، ثم ثنى بما هو أشد تحريمًا منه وهو الإثم والظلم، ثم ثلث بما هو أعظم تحريمًا منهما وهو الشرك بالله سبحانه، ثم ربع بما هو أشد تحريمًا من ذلك كله وهو القول على الله بلا علم، وهذا يعم القول عليه سبحانه بلا علم في أسمائه وصفاته وأفعاله، وفي دينه وشرعه) (٢).

ألاما أعظم الخَطْبَ حين يشيع القول على الله، وعلى شرعه بغير علم، فتصبح الكلمة لا خطام لها ولا زمام، ويسري التحليل والتحريم على كل لسان، أو تُحاصر كلمة الحق، وتتحدث الرويبضة في أمر العامة وتخف كفة العدل في القول، والله يقول: {وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى} (٣).

هنا، وفي هذه الأجواء، تشتد الحاجة لأمانة الكلمة، وتتعاظم مسؤوليتها على العلماء والأمراء، والدعاة والمفكرين، ورجالات الإعلام، والمربين، وكل بحسبه، فمسؤولية الكلمة لدي العلماء البيان وعدم الكتمان، وميثاق الله أولى بالقضاء، وهو فوق أعراض الدنيا: {وَإِذَ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلاَ تَكْتُمُونَهُ فَنَبَذُوهُ وَرَاءَ ظُهُورِهِمْ وَاشْتَرَوْا بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَبِئْسَ مَا يَشْتَرُونَ} (٤).


(١) سورة الأعراف، الآية: ٣٣.
(٢) إعلام الموقعين ١/ ٣٨.
(٣) سورة الأنعام، الآية: ١٥٢.
(٤) سورة آل عمران، الآية: ١٨٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>