للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المصطفى، صلى الله عليه وسلم، «وهل يكبُّ الناس في النار علي وجوههم- أو قال على مناخرهم- إلا حصائد ألسنتهم) (١).

معاشر المسلمين، وإذا كان الاختلاف بين المسلمين واردًا فينبغي أن يكون اجتهادًا في الرأي، لا اختلافًا في القلوب، والعلماء الربانيون هم الذين يسعون في جمع الكلمة، وتأليف القلوب .. ومن فقه الواقع يسطر لنا شيخ الإسلام ابن تيمية، يرحمه الله، موقفًا رائعًا حين بلغه اختلاف المسلمين (في البحرين) في مسألة «رؤية الكفار لربهم» حتى ذكر وفدهم أن أمرهم إلى قريب من المقاتلة ... فتحدث الشيخ عن هذه المسألة ناقلاً لآراء أهل العلم، ومعاتبًا على حدتهم في الاختلاف، ومنتقدًا لهم على مفاتحتهم عوام المسلمين فيها، وهم في عافية وسلام عن الفتن، وعلَّمهم آدابًا تجب مراعاتها حين الاختلاف (ويليق بغيرهم من المسلمين أن يتعلموها في أدب الاختلاف). وفي نهاية رسالته إليهم أعرض- رحمه الله- عن بيان الراجح فيها، معللاً ذلك بقوله: (وأما استيعاب القول في هذه المسألة وغيرها، وبيان حقيقة الأمر، فربما أقول أو أكتب في وقت آخر، إن رأيت الحاجة ماسّةً إليه، فإني في هذا الوقت رأيت الحاجة إلى انتظام أمركم آكد) (٢).

ألا ما أحوج الأمة إلى هذا النوع من العلماء الذين يعون مسؤولية الكلمة، ويجمع الله بهم الأمة. اللهم أصلح أحوالنا، واجمع كلمتنا واقمع أهل الزيغ والبدع والفساد في مجتمعاتنا.


(١) صحيح سنن الترمذي.
(٢) الفتاوى ٦/ ٤٨٥ - ٥٠٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>