قائلة: لا أماتك الله يا جريح حتى تنظر في وجه المومسات، فابتلي جريج، واتهم بتلك المرأة التي واقعها الراعي فولدت له، وحين سئلت نسبته إلى جريح كان ذلك سببًا في هدم صومعته، والإتيان به مغلولاً .. حتى مرَّ على المومسات، فلما رآهن تبتسَّم، فلما مَثُل بين يدي الملك قال: تزعم هذه أن ولدها منك، قال: أنتِ تزعمين؟ قالت: نعم، فطلب الصبي ثم قال له: مَن أبوك؟ فقال: راعي البقر (وكان أحد الذين تكلموا في المهد) فردَّت إليه صومعته، ثم سأله الملك عن تبسُّمه فقال: أمرًا عرفته، أدركتني دعوة أمي، ثم أخبرهم خبره .. فإذا كان هذا شأن جريج ودعوة أمه في أمر من أمور العبادة لله فكيف تكون الحال فيما هو دون ذلك؟
ألا وإن التوبة تجب ما قبلها فمن فرَّط فليستغفر، وليبدل السيئة بالحسنة إن كان والداه على قيد الحياة.
والفرصة أمامه، كذلك، إن كانا قد فارقا الحياة، ففضل الله واسع، ورحمته واسعة، وذلك بكثرة الدعاء والاستغفار لهما، والصدقة عنهما، وصلة من كانا يرغبان صلته في الدنيا. قال عبد العزيز بن أبي رواد: إذا كان الرجل بارًا بوالديه في حياتهما ثم لم يف بعد موتهما بنذورهما، ولم يقض ديونهما، كتب عند الله عاقًا، وإذا كان لم يبرهما في حياتهما ثم أوفى بنذورهما، وقضى ديونهما كتب عند الله بارًا (١).