للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وضاق ذرعًا بمطالب والديه وإن كانت يسيرة، وفي الحديث. ( ... وأطع والديك وإن أمراك أن تخرج من دنياك فاخرج لهما ... ) (١).

أو متعلمًا- في صورة جاهل- ساقه ما وصل إليه من علم إلى التعالي، وما حصل عليه من شهادة إلى الغرور والتباهي، فظن بوالديه الجهل، وقدَّر فيهما محدودية العقل، فتحدث إليهما حديث العالم للجاهل، ونظر إليهما نظرة احتقار ودونية، فلا يستطيب الحديث معهما، وربما تأفَّف أو كره شيئًا من أحاديثهما ..

أو صاحب وجاهة، اتسع صدره للآخرين، وضاق عن الوالدين والأقربين ...

ألا فاتقوا الله، عباد الله، وأنزلوا والديكم المنزلة التي أنزلها الله إياهم، واحذروا أسباب العقوبة بعقوقهما في الدنيا، والخزي والندامة في الآخرة.

لقد عدَّ ابن عمر، رضي الله عنهما «بكاء الوالدين من العقوق» من الكبائر التسع (٢)، وقال للسائل الذي جاء يسأله عن ذنوب اقترفها: (أتفْرَق من النار وتحب أن تدخل الجنة؟ قلتُ: أي والله، وقال: أحيٌّ والداك؟ قال عندي أمي، قال: فوالله لو ألنتَ لها الكلام، وألهمتها الطعام لتدخلنَّ الجنة ما اجتنبت الكبائر).

أيها المسلمون، وفي مقابل ذلك تحيق العقوبة في العاقين في الدنيا، وتصيب دعوة الوالدين الأبناء، وفي الحديث: ثلاث دعوات مستجابات لاشك فيهن: دعوة المظلوم، ودعوة المسافر، ودعوة الوالدين على ولدهما.

وإذا كانت دعوة الوالدين أصابت (جريجًا) الراهب العابد في صومعته، وكانت الصلاة سبب عصيانه، حين آثر الصلاة على إجابة دعوة أمه، فدعت عليه


(١) رواه ابن ماجه والحاكم وغيرهم بسند حسن (صحيح الأدب الفرد/ ٣٨، ٣٩).
(٢) رواه البخاري في الأدب المفرد وصحح إسناده الألباني (صحيح الأدب المفرد/ ٣٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>