للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يرغم أنوف الأعداء، وبه تحدى الله الخليقة إنسًا وجنًّا: {قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيراً} (١).

وعظمة الإعجاز في القرآن أنه مؤلفٌ من جنس كلام الناس، ومؤلف من نفس الحروف التي يتخاطبون بها {الم، الر، ص، ق، كهيعص .. } ونحوها، ومع ذلك لا يستطيعون الإتيان بمثله، ولهذا انتصر ابن كثير، رحمه الله، في تفسيره لهذه الحروف المقطعة بأنها ذُكرت بيانًا لإعجاز القرآن، وقال: ولهذا كل سورة افتتحت بالحروف فلابد أن يذكر فيها الانتصار للقرآن، وبيان إعجازه وعظمته، وهذا معلوم بالاستقراء في تسع وعشرين سورة مثل: {الم (١) ذَلِكَ الْكِتَابُ لاَ رَيْبَ فِيهِ} (٢).

أيها المؤمنون، وإذا كان اعتراف المشركين قديمًا بعظمة القرآن وإعجازه مشهورًا ومعروفًا، فأكتفي بسوق نموذج لاعتراف المشركين حديثًا بعظمة هذا القرآن، فإن فرنسا قامت في سبيل القضاء على القرآن في نفوس شباب الجزائر بانتقاء عشر فتيات مسلمات جزائريات، أدخلتهن الحكومةُ الفرنسيةُ في المدارس الفرنسية، وألبستهن الثياب الفرنسية، ولقنتهنَّ اللغة الفرنسية، والثقافة الفرنسية، فأصبحن كالفرنسيات تمامًا، وبعد أحد عشر عامًا من الجهود هيأت لها حفلة تخرُج، دُعي لها الوزراء والمفكرون والصحفيون، ولما ابتدأت الحفلة فوجئ الجميع بالفتيات الجزائريات يدخلن بلباسهن الإسلامي الجزائري ..

فثارت ثائرة الصحف الفرنسية وتساءلت: ماذا فعلت فرنسا في الجزائر إذن بعد مرور مائة وثمانية وعشرين عامًا؟


(١) سورة الإسراء، الآية: ٨٨.
(٢) تفسير ابن كثير للبقرة ١/ ٥٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>