للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يا أمة القرآن، كم يوقظ القرآن ضمائرنا ولا تستيقظ، وكم يحذرنا ونظل نلهو ونلعب، وكم يبشرنا وكأن المبشَّر غيرنا، وكم تعيينا الأموال والعلل ولو استشفينا بالقرآن لشفانا الله به حسًّا ومعنى، وصدق الله: {وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إَلاَّ خَسَاراً} (١).

فهو يُذهب ما في القلوب من أمراض الشك والنفاق، والشرك والزيغ، وبه يحصل الإيمان والحكمة، وليس هذا إلا لمن آمن بالقرآن وصدقة واتبعه، وهذا شفاء القرآن المعنوي، أما شفاؤه الحسي فتؤكده ولاية البخاري عن أبي سعيد الخدري، رضي الله عنه، قال: (انطلق نفرٌ من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في سفرة سافروها حتى نزلوا على حي من أحياء العرب، فاستضافوهم فأبوا أن يضيفوهم، فلُدغ سيد ذلك الحي، فسعوا له بكل شيء، لا ينفعه شيء، فقال: لو أتيتم هؤلاء الرهط الذين نزلوا، لعله أن يكون عند بعضهم شيء، فأتوهم، فقالوا: يا أيها الرهط، إن سيدنا لُدغ وسعينا له بكل شيء، لا ينفعه، فهل عند أحدكم من شيء؟ فقال بعضهم: نعم والله، إني لأرقي، ولكن والله لقد استضفناكم فلم تضيفونا، فما أنا براق لكم حتى تجعلوا لنا جعلاً، فصالحوهم على قطيع من الغنم [وفي رواية: فأمر لنا بثلاثين شاة، وسقانا لبنًا) فانطلق يتفل عليه ويقرأ (الحمد لله رب العالمين) فكأنما نشط من عقال، فانطلق يمضي وما به قَلَبة، قال: فأوفوهم جعلهم الذي صالحوهم عليه، فقال بعضهم: اقسموا، فقال الذي رقى: لا تفعلوا حتى نأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فنذكر له الذي كان، فننظر ما يأمرنا، فقدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكروا له، فقال: وما يُدريك أنها رقية؟ ثم قال: قد أصبتم، اقسموا، واضربوا لي معكم سهمًا، فضحك النبي صلى الله عليه وسلم (٢).


(١) سورة الإسراء، الآية: ٨٣.
(٢) البخاري: الإجارة ٢٢٧٦، وفضائل الصحابة ٥٠٠٧، الفتح ٤/ ٤٥٣، ٩/ ٥٤، قال ابن حجر: وفي الحديث جواز الرقية بكتاب الله، ويلحق به ما كان بالذكر والدعاء المأثور.

<<  <  ج: ص:  >  >>