للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أكلمكم، فوالله لا أريبكم ولا يأتيكم من شيءٌ تكرهونه .. فطلب منهم الأمان، وطلب منهم كتابًا يكون آيةً بينهم ... وقد قدّم لهم الكتاب يوم الفتح، وأسلم، وحسُن إسلامه (١).

وهكذا كان سراقة آخر النهار مسلمةً للبني، صلى الله عليه وسلم، بعد أن كان جاهدًا عليه في أول النهار .. وكذلك سخَّر الله سراقةً ليعمي خبر النبي، صلى الله عليه وسلم، فما يهم أحد بالبحث في هذه الجهة إلا ويقول له: قد كفيتُك إياها، فصرف الله أنظار المشركين عنه، وكذلك يحمي الله جنده، ويحفظ أولياءه المتقين.

أيها المسلمون، وينبغي أن نتعلم من أحداث الهجرة أن المسلم إذا توكل على الله كفاه، {وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} (٢)، وإذا حفظ حدوده حفظه ورعاه (يا غلام، احفظ الله يحفظك)، {وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجاً (٢) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ} (٣)، فهل يفقه المسلمون أحداث السيرة ويستفيدون من دروسها وعبرها؟ إن في ذلك الفلاح والنجاح في الدنيا والآخرة .. ولله الأمر من قبل ومن بعد، اللهم هيء لنا من أمرنا رشدًا، واجعل لنا من كل هم فرجًا، ومن كل ضيق مخرجًا ...

إخوة الإسلام، ووصل الرسول، صلى الله عليه وسلم، إلى المدينة، واجتمع المسلمون واستقروا بها، وكان نجاح الإسلام وجهاد المسلمين في تأسيس وطن لهم وسط صحراء تموج بالكفر والجهالة أعظم كسبٍ حصلوا عليه منذ بدأت الدعوة، وتنادى المسلمون من كل مكان أن هلموا إلى المدينة، فلم تكن الهجرة إليها


(١) صحيح البخاري ٤/ ٢٥٦، ٢٥٧، وإسلام سراقة ذكره ابن إسحاق في روايته، انظر السيرة النبوية لابن هشام ٢/ ١٠٢ - ١٠٤ بسند قوي.
(٢) سورة الطلاق، الآية: ٣.
(٣) سورة الطلاق، الآيتان: ٢، ٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>