السُّبات منهم على ضربات اليهودِ الموجعة، فيهبوا مدافعين عن عقيدتهم، وكأن اليهود بتصرفاتهم يقولون للمسلمين: هكذا نفعل بنبيكم وكتابكم، فأين أنتم؟ وماذا تفعلون؟ !
إن هذا التحدي السافرَ حريٌّ بأن يوحدَ كلمة المسلمين، ويجمع شتاتهم، وينسيَهم أضغانهم، ويضيِّق هوةَ الخلافِ في اجتهاداتهم، فالخطرُ يهددهم جميعًا، والعدو يُكشر لهم عن أنيابه، وخطوة اليوم من إخوان القردة والخنازير سيتبعها خطوات أكثر جرأة، إذا لم يعِ المسلمون دورهم، ويستعدوا لمنازلة عدوِّهم.
أما الرابعة من جوانب الخير المتوقعة من وراء هذا الشر، أن تكون هذه الكبرياء وذلك السوءُ في المعتقد والخلق من يهود مؤشرًا لنهاية هذا الجسم الغريبِ في الأمة المسلمة، ومعجلًا بالمنازلة المحتومةِ النتائج مع اليهود «لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود، فيقتلهم المسلمون حتى يختبئ اليهوديُّ من وراء الحجر والشجر، فيقول الحجر أو الشجر: يا مسلم! يا عبد الله هذا يهوديٌّ خلفي فتعال فاقتله، إلا الغرقدَ، فإنه من شجر اليهود»(١).
إن سلبيات واقعنِا المعاصر كثيرةٌ ومتنوعة، وإن رعودَ الشرِّ تبرق هنا وهناك، وإن الغصصَ والمآسي التي يراها المسلمُ أو يسمعها تدمي الفؤاد وتبكي العيون .. ومع ذلك فبإمكان المسلمين أن يحيلوا هذه السلبيات إلى إيجابيات حين يعودون إلى دينهم، ويعرفوا حقيقة أعدائهم وطبيعة المعركة معهم، ويأخذوا بأسباب العدة والنصر التي أمروا بها، ولا يركنوا إلى الذين ظلموا، ولا ينتظروا النصفَ والنصرةَ من أعدائهم فالكفرُ ملةٌ واحدة، ولن يرضى اليهود ولا النصارى عن المسلمين إلا باتباع ملتهم، وما النصر إلا من عند الله.