للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والطعن فيهم وسيلة للطعن في الدين.

وهذا ما نبه إليه الإمام أبو زرعة الرازي يرحمه الله حين قال: إذا رأيت الرجل ينتقص أحدًا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعلم أنه زنديق، وذلك أن الرسول صلى الله عليه وسلم عندنا حق، والقرآن حق، وإنما أدى إلينا هذا القرآن والسننَ أصحابُ رسول الله صلى الله عليه وسلم. وإنما يريدون أن يجرحوا شهودنا؛ ليبطلوا الكتاب والسنة، والجرحُ بهم أولى وهم زنادقة (١).

عباد الله! لابد من التنبه لمثل هذه الأفكار المتسللة، التي تحاول بين الفينة والأخرى الطعنَ في أحدٍ من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، سواء كانت بعبارات صريحة أو ملفوفة، أو استخدمت أسلوب التشكيك في وجود هذا الصحابي وأسطوريته، فتلك رغم ما فيها من جُرأةٍ تحطم الحجبِ الواقيةَ لهذا التاريخ المجيد، الذي أجمعت عليه الأمة، هو كذلك إشغالٌ للأمة بقضايا جانبية، لا يحتمله تاريخُ الأمة المثقلُ بكثير من القضايا والهموم، ليس اجتماع الكيد الصليبي مع التطرف اليهودي على العبث بمقدسات المسلمين ومحاصرةِ وتجويع أبنائهم إلا واحدةً من هذه القضايا المؤلمة، التي تحتاج من المسلمين إلى عملٍ دؤوب وصدق في اللقاء، يدفع الله به كيدَ الكائدين.

وإذا قُدر لهذه القضايا أن تبحث فينبغي أن يوسدَ الأمر إلى أهله، وأن يتوفرَ على ذلك علماءٌ متمكنون في علمهم صادقون في توجههم، برآءُ من أي تهمةٍ في سلامة معتقدِهم، وأن يكون على مستوى الخاصة، وألا تفتنَ به العامةُ، وألا تكون قضيةً مطروحةً للمزاد، يعرف فيها من لا يعرف، ويظن الجاهل أن من حقه أن يوافق أو يخالف .. وليت شعري كم تنطق الرويبضةُ! ويتصدر السفهاء


(١) الكفاية في علم الرواية ص ٩٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>