للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خيرٌ مذكرٍ لك بأنعمِ الله عليك، كيف لا وفيه سورة تدعى سورة (النِّعم) بسبب ما عدد الله فيها من نعمه على عباده .. هي سورة (النحل) (١).

٦ - ومما يعينك على الشكر أن تتذكر أحوال الضعف التي مرت بك، وكيف صيرك الله إلى حال قوة وغنى، فلا يطغيك الغنى، ولا تنسيك النعمُ الشكر، وتذكر حالتك الأولى، ومن فقه أبي هريرة وشكره أنه رُئِيَ في الليل يُكبِّر، فلحقه رجلٌ ببعيره، وقال: من هذا؟ قال: أبو هريرة، قلت: وما التكبير؟ قال: شكرٌ. قلتُ: على مه؟ قال: كنتُ أجيرًا لبسرة بنت غروان بعُقبةِ رجلي وطعام بطني، وكانوا إذا ركبوا سُقت بهم، وإذا نزلوا خدمتهم، فزوجنيها الله، فهي امرأتي (٢).

٧ - والنظر في سير الشاكرين يعينك بإذن الله على الشكر، فآلُ داود الذين امتدحهم الله بالشكر بقوله {اعْمَلُوا آلَ دَاوُدَ شُكْرًا} ورد أنهم لم يأت عليهم ساعة إلا وفيهم مصلٍّ (٣).

وإبراهيم الخليل الأمةُ القانت كان شاكرًا لأنعمه اجتباه. ولم ينس يوسفُ عليه السلام بعد خروجه من السجن وتبوئه خزائن الأرض أن يذكر نعمة الله، ويقول: {وَقَدْ أَحْسَنَ بَي إِذْ أَخْرَجَنِي مِنَ السِّجْنِ وَجَاءَ بِكُم مِّنَ الْبَدْوِ ... } إلى قوله: {رَبِّ قَدْ آتَيْتَنِي مِنَ الْمُلْكِ وَعَلَّمْتَنِي مِن تَأْوِيلِ الأَحَادِيثِ فَاطِرَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ أَنتَ وَلِيِّي فِي الدُّنُيَا وَالآخِرَةِ تَوَفَّنِي مُسْلِمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ} (٤).

وموسى عليه السلام يأمره ربُّه أن يتلقى ما آتاه من النبوة والرسالة والتكليم بالشكر


(١) تفسير القرطبي ١٠/ ٦٥.
(٢) تهذيب السير ١/ ٢٠٠.
(٣) ابن القيم؛ عدة الصابرين ص ١٩٦.
(٤) سورة يوسف، الآيتان: ١٠٠، ١٠١.

<<  <  ج: ص:  >  >>