للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَن يُضْلِلْ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ} (١).

ومن دواعي البكاء والخشية لله استشعار العبدِ مِنَّةَ اللهِ عليه لخير أصابه، فشكر الله عليه ولم يتمالك عينيه من البكاء، وهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لأبي بن كعب: «إن الله أمرني أن أقرأ عليك القرآن»، قال أبى: آللهُ سماني لك؟ قال: «الله سمَّاك» فجعل أُبي يبكي.

وفي رواية للبخاري أيضًا: قال أبي: آلله سماني لك؟ قال: نعم قال: وذكرت عند رب العالمين؟ قال: «نعم»، فذرفت عيناه ... (٢).

ومما يرقق القلب ويُبعد وحشته ويخفف قسوته مجالسةُ العلماء ومصاحبةُ الأخيار، فهؤلاء يذكرون الآخرة، قال الحسنُ البصريُ يرحمه الله: إخوانُنا أغلى عندنا من أهلينا، فأهلونا يذكروننا الدنيا، وإخواننا يذكروننا بالآخرة» (٣).

ومما يرقق القلب تعاهُده بالإيمان إذا ضعف، والمبادرةُ إلى عمل الحسنة بعد السيئة حتى تمحو أثرها، وقد ورد ما يفيد تقلب القلب وأن الله يقلبه كيف شاء، وورد أيضًا في حديث صحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال مشبهًا للقلب بضوء القمر: «ما من القلوب قلبٌ إلا وله سحابةٌ كسحابةِ القمر، بينا القمرُ مضيء إذ علته سحابة فأظلم، إذ تجلت عنه فأضاء» (٤).

وإذا كان هذا شأن القمر، فقلبُ المؤمن تعتريه أحيانًا سحابٌ مظلمة من


(١) سورة الزمر، آية: ٢٣.
(٢) الحديث متفق على صحته في كتاب التفسير (لمن يكن) ومناقب الأنصار (مناقب أبي) ومسلم: كتاب صلاة المسافرين، باب استحباب قراءة القرآن على أهل الفضل .. ).
(٣) المنجد، ظاهرة ضعف الإيمان ص ٢٤.
(٤) رواه أبو نعيم وهو في السلسلة الصحيحة ٢٢٦٨، ظاهرة ضعف الإيمان ص ٣٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>