للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للآباء والأبناء، وفي مواعظِه ما يحيي به اللهُ القلوبَ الغافلة ذكرانًا كانوا أم إناثًا أن أولَ ما تتجه له عاطفةُ الأب الناصح لابنه أن يدعو بعبادة الله وحده ولا يشرك به شيئًا: {وَإِذْ قَالَ لُقْمَانُ لابْنِهِ وَهُوَ يَعِظُهُ يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} (١).

فالعبوديةُ لله وحده هدفُ الوجود .. وهي أساسُ دعوة الرسل، والشرك محبطٌ للأعمال موجب للخسران {وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ (٦٥) بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَكُن مِّنْ الشَّاكِرِينَ} (٢).

ولئن قيل إن ابن لقمان، وامرأته كانا كافرين فما زال يعظهما حتى أسلما (٣).

فحري بالآباء أن يُحذِّروا الأبناء من طرائق الشرك ووسائله وإن كانوا في الأصل مسلمين، وكذلك نزل القرآنُ محذرًا المؤمنين عن الشرك بقوله: {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُوْلَئِكَ لَهُمُ الأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ} (٤).

قد شقت هذه الآيةُ على الصحابة حين نزلت، وقالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: وأينا لا يظلم نفسَه، فأجابهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس هو كما تظنون إنما هو كما قال لقمان لابنه {يَا بُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ} (٥). ويلفت لقمانُ نظرَ ابنه إلي عظيم قدرةِ الله فالحبةُ وإن كان قدرها صغيرًا، والحسُّ لا يدرك لها ثقلًا، ولا تُرجِّح ميزانًا لخردلة، فالله يعلم وجودها، ولو كانت محصنة محجبة داخل صخرة صماء، أو غائبة ذاهبة في أرجاء السموات والأرض فإن الله يأتي بها فلا


(١) سورة لقمان، ١٣.
(٢) سورة الزمر، الآيتان: ٦٥، ٦٦.
(٣) ذكره القشيري، تفسير القرطبي ١٤/ ٦٢.
(٤) سورة الأنعام، آية: ٨٢.
(٥) الحديث رواه مسلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>