للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تخفى عليه خافية {يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِن تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ فَتَكُن فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَوَاتِ أَوْ فِي الأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ} (١).

قيل أن لقمان هنا وعظ ابنه ألا يشغله الرزقُ عن أداء فرائض الله فلو كان رزقُ الإنسانِ مثقالَ حبةِ خردلِ في هذه المواضع جاء بها الله حتى يسوقها إلى من هي رزقُه.

وقيل المعنى تخويفٌ عن اقترافِ المعاصي وتنبيهٌ لرقابة الله ولو ظن العاصي أنه لا يُرى.

فقد روي أن ابن لقمان قال لأبيه: يا أبتِ إن عملتُ الخطيئةَ حيث لا يرانا أحدٌ كيف يعلمها الله؟ فقال له لقمان: يا بُني إنها إن تك مثقال حبةٍ من خردل فتكن في صخرة أو في السموات أو في الأرض يأتي بها الله .. فما زال ابنه يضطربُ حتى مات ذكره مقاتل، ونقله القرطبي (٢).

أيها المسلمون لا يزال لقمانُ يوصي ابنه، وينقله من موعظةٍ إلى أخرى .. وتحتاجُ بقيةُ الوصايا إلى خطبة أخرى ولكني أقفُ في النهاية مستخلصًا أعظمَ ما ينبغي أن يمنحه الآباءُ للأبناء، ومن الاستعراض الموجزِ لسلوكيات الأنبياءِ أو الحكماء نعلم حاجة الآباء إلى تخصيص أبنائهم بالدعوة والدعاء، وأن يمنحوهم الأدب، ويمحضوهم النصحَ، ويخصوهم بالوصايا والعظاتِ النافعة، «فما نحل والدٌ ولدًا من نحلٍ أفضل من أدبٍ حسن» (٣).

وعلى الأبناء أن يخلصوا الطاعة لله، وأن يكونوا مثالًا للطاعة بالمعروف


(١) تفسير ابن كثير ٣/ ٧٣٥.
(٢) تفسير القرطبي ١٤/ ٦٧.
(٣) رواه الترمذي.

<<  <  ج: ص:  >  >>