وإذا حكم اللهُ بالأخوة بين المنافقين واليهود فلا مزيد على هذا الوصف والبيان.
أيها المسلمون .. أما الدرسُ الثالثُ من حادثةِ يهود بني قينقاع فهو درس في الإيمان، اختص اللهُ به أهلَ الإيمان الذين يوالون في الله ويعادون في الله، ويحبون للهِ ويبغضون للهِ وتلك أوثق عرى الإيمان .. ويمثل هذا الموقف الإيماني عبادةُ بن الصامت رضي الله عنه، وتأملوا الفرق بين موقفه مع اليهود الناكثين، وبين موقف عبد الله بن أبي رأسِ المنافقين.
فقد أخرج ابنُ إسحاق في السيرة- بسند صحيح- قال: لما حاربت بنو قينقاع رسولَ الله صلى الله عليه وسلم تشبث بأمرهم عبدُ الله بنُ أبي، وقام دونهم، فمشى عبادةُ بنُ الصامت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان أحدَ بني عوف بنِ الخزرج لهم من حلفهم مثل الذي لهم من حلف عبدِ الله بنِ أبي، فخلعهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وتبرأ إلى الله وإلى رسوله من حلفهم فقال: يا رسول الله: أتبرأُ إلى اللهِ وإلى رسولهِ من حلفهم وأتولى اللهَ ورسولَه والمؤمنين وأبرأ من حلف الكفارِ وولايتهم، ويقال فيه نزل قوله تعالى: {إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ (٥٥) وَمَن يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ} (١)
وهكذا يتضح الفرق بين المنافقين والمؤمنين في الولاء أو البراء من الكافرين .. والمسافة لا شك هائلةٌ بين منافق يُغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم في سبيل الدفاع عن اليهود والصدِّ عن قتلهم ..
وبين مؤمن يتولى أمر جلائهم، فقد كان ذلك لعبادةِ بن الصامت رضي الله عنه منقبةً، ولابد أبي فضيحةً وخزيًا إلى يقيم الدين. ألا ما أحوج الأمة إلى رجالٍ كعبادةِ بن