للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

البراء بن عازب رضي الله عنه: خطبنا رسولنا الله صلى الله عليه وسلم حتى أسمع العواتق في بيوتهن فقال: «يا معشر من آمن بلسانه ولم يؤمن بقلبه لا تغتابوا المسلمين، ولا تتبعوا عوراتهم، فإنه من تتبع عورة أخيه تتبع الله عورته، ومن تتبع الله عورته يفضحه في جوف بيته» (١).

يا أخا الإسلام .. وإذا كنت تستنكف من المشاهد المؤذية، وتشمئز للروائح الخبيثة- وهذا أمر طبيعي فيك- فعليك أن تترفع عن إيذاء إخوانك المسلمين وأكل لحومهم، فشأنك حين تعمل هذا في حق إخوانك المسلمين؟ كشأنك حين تأكل الميتة أو تكره الروائح المنتنة، فضع نفسك في الوضع الذي ترغبه لها، وقد سمعت الحق تبارك وتعالى يقول {أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتًا فكرهتموه} (٢).

وخذ نموذجًا عمليًا قرره النبي صلى الله عليه وسلم مع أحد أصحابه، فحين رجم (ماعزًا) في الزنا قال رجل لصاحبه: هذا أقعص كما يقعص الكلب .. فمر رسول الله صلى الله عليه وسلم وهما معه بجيفة فقال: «انهشا منها»، فقالا: يا رسول الله ننهش جيفة؟ فقال: «ما أصبتما من أخيكما أنتن من هذه» (٣).

أيها المؤمنون الأمر عظيم والخطب جسيم، والبراءة من أعراض المسلمين عزيزة والخطورة تكمن في الجهل أو التجاهل بحقيقة الغيبة، وبعض الناس يظن أنه حين يتحدث في عرض أخيه المسلم بأمر واقعي لكنه مكروه لديه أن ذلك ليس من الغيبة، وإنما الغيبة- في ظن هؤلاء- في الزيادة في الكلام في المتحدث فيه بما ليس فيه، وهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يكشف الحقيقة ويبين المسألة ويقول:


(١) الإحياء ٩/ ١٤٩٧.
(٢) سورة الحجرات، الآية: ١٢.
(٣) الحديث رواه أبو داود والنسائي من حديث أبي هريرة بإسناد جيد، الإحياء ٩/ ١٥٨٩، والقعص: أن يضرب الإنسان فيموت مكانه (النهاية ٤/ ٨٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>