البواعث العظيمة على الغيبة .. فجاهد نفسك على ألا تحقد ولا تغضب، واسأل الله في ذلك فهو خير معين.
السبب الثاني: موافقة الأقران ومجاملة الأصحاب، فهو يرى أنه لو أنكر عليهم- في تفكههم في الأعراض- استثقلوه ونفروا من صحبته، فيضطر لمجاراتهم، وذلك علامة الضعف في الدين، وإلا فالواجب نصرة المسلم والذب عن عرضه، وفي ذلك عظيم الأجر عند الله، وقد قال صلى الله عليه وسلم «ما من امرئ يخذل امرءً مسلمًا في موطن ينتقص فيه من عرضه وينتهك فيه من حرمته إلا خذله الله تعالى في موطن يحب فيه نصرته، وما من أحد ينصر مسلمًا في موطن ينتقص فيه من عرضه، وينتهك فيه من حرمته إلا نصره في موطن يحب فيه نصرته»(١).
فضعوا هذا الحديث نصب أعينكم حين تختلط الأحاديث في المجالس، وتكون أعراض المسلمين فاكهة لها، واسألوا الله العون على ذلك.
الباعث الثالث على الغيبة: أن يستشعر من إنسان أنه سيقصده بالحديث، فيسبقه إلى ذلك ويتقدمه بالغيبة، وفي هذا المقام ينبغي أن يتذكر السلم ما أعده الله للكاظمين الغيظ والعافين عن الناس فيحفظ لسانه حتى وإن كان الحق له. ولا شك أن تلك منزلة تحتاج إلى صبر وطول مجاهدة للنفس وفقني الله وإياكم لبلوغها.
الباعث الرابع: أن ينسب إلى شيء فيريد أن يتبرأ منه فيذكر الذي فعله، وكان من حقه أن يبرئ نفسه ولا يذكر الذي فعل.
الباعث الخامس: إرادة التصنع والمباهاة، وهو أن يرفع نفسه بتنقيص غيره،
(١) الحديث رواه أبو داود وغيره بإسناد حسن، صحيح الجامع الصغير ٥/ ١٦٠.