للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كأن يقول: فلان جاهل، وفهمه ركيك، وكلامه ضعيف، وهو إنما يريد إثبات الفضل لنفسه.

الباعث السادس للغيبة: الحسد وهو أنه ربما يحسد من يثني الناس عليه ويحبونه، فيريد زوال تلك النعمة عنه، فلا يجد سبيلاً إلى ذلك إلا بالقدح فيه لإسقاطه عند الآخرين، وذلك عين الحسد، وهو غير الحقد والغضب الذي يستدعي جناية من المغضوب عليه، أما الحسد فقد يكون مع الصديق المحسن والرفيق الموافق، نسأل الله السلامة من الحسد.

الباعث السابع: اللعب والهزل والمطايبة وتزكية الوقت بالضحك، فيذكر عيوب غيره بما يضحك الناس على سبيل المحاكاة، ومنشؤه التكبر والعجب.

الباعث الثامن: السخرية والاستهزاء استحقارًا له، فإن ذلك قد يجري في الحضور، ويجري في الغيبة، ومنشؤه التكبر واستصغار المستهزأ به (١).

إخوة الإيمان ثمة مدخل خفي للغيبة جدير بالناس عمومًا أن يعلموه، وأهل الدين والصلاح خصوصًا أن يفقهوه .. ذلك هو ما سمي بغيبة القلب أو سوء الظن الذي ينعقد به القلب ويصدقه ثم ينطق به اللسان، لا مجرد الخواطر وحديث النفس، فهذا إذا لم يستقر ويستمر عليه صاحبه فمعفو عنه باتفاق العلماء، وقد قال عليه الصلاة والسلام- كما ثبت في الصحيحين: «إن الله تجاوز لأمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تتكلم به أو تعمل» (٢).

أما ما نحن بصدده من غيبة القلب التي ينعقد عليها فقد حرره العلماء وضبطوه، بكلام نفيس، فقالوا: إذا وقع في قلبك ظن السوء فهو من وسوسة


(١) انظرها كاملة في الإحياء ٩/ ١٦٠٤ - ١٦٠٦.
(٢) متفق عليه.

<<  <  ج: ص:  >  >>