للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الله للمحب، ولهذا قال بعض العلماء الحكماء: ليس الشأن أن تُحِب، إنما الشأن أن تُحَبَّ.

هذه الآية- معاشر المسلمين- فيها امتحانٌ لمحبة العبد لربه، كما قال الحسن البصري وغيره من السلف: زعم قومٌ أنهم يحبون الله فابتلاهم الله بهذه الآية (١).

عباد الله ومن براهين محبة الله .. أن يكون المُحب متواضعًا لإخوانه المؤمنين، متذللًا لهم، رحيمًا بهم، يحبهم لله، ويواليهم فيه - وإن لم يكن بينه وبينهم نسبٌ أو حسب- لكنها رابطة العقيدة وأخوة الإسلام توجب عليه إلا يحقرهم ولا يخذلهم ولا يظلمهم.

وفي مقابل ذلك يكون المحب الصادق عزيزًا على عدوه وخصمه، شديدًا عليهم ويبغضهم لله، ويعاديهم لكفرهم به، وتطاولهم على شرع الله.

وهو في ذلك محتاج إلى المجاهدة في سبيل الله لإعلاء كلمة الله، وإعزاز الحق، ودفع الباطل وأهله.

فهل يصدق الحب من شخص لا يغار لمحارم الله؟ وهل يصدق الحب لله ممن لا يتمعر وجهه لفشل الباطل وكثرة المبطلين؟ !

إن محبة الشيء تعني الدفاع عنه، والدعوة إليه .. والدفاع عن الحق، والدعوة للخير الذي يحبه الله .. هو برهان على محبة الله .. وأنَّى لشخص يَدَّعي محبة الله، وهو ناصبٌ نفسه للدعوة للشر، ومحاربة الخير، وأهله! والمحبون الصادقون لا تأخذهم في دعوتهم وجهادهم للخير لومة لائم .. أو إرجاء مرجف- أو تخذيل مخذل- إقوؤوا بتمعن قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا


(١) ابن كثير ١/ ٥٦٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>