للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صاحبه يوم القيامة حين ينشق عنه قبره، كالرجل الشاحب، فيقول هل تعرفني؟ فيقول: ما أعرفك، فيقول: أنا صاحبك القرآن الذي أظمأتك في الهواجر، وأسهرت ليلك، وإن كلَّ تاجرٍ وراء تجارته، وإني لك اليوم من وراء كل تجارة، فيعطى الملك بيمينه، والخلد بشماله، ويوضع على رأسه تاج الوقار، ويُكسى والداه حليتين لا تقوم لهما الدنيا، فيقولان: بم كسينا هذا؟ فيقال بأخذ ولدكما القرآن، ثم يُقال اقرأ واصعد في درجة الجنة وغرفها، فهو في صعود ما كان يقرأ هذا كان أو ترتيلًا» (١).

أيها المسلمون: كما يكرم ذو الشيبة المسلم، وذو السلطان المقسط .. فكذلك ينبغي أن يكرم حامل القرآن .. فذلك من إجلال الله.

فقد صح في الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن من إجلال الله تعالى إكرام ذي الشيبة المسلم، وحامل القرآن غير الغالي فيه والجافي عنه، وإكرام ذي السلطان المقسط» (٢).

عباد الله ما أضاع وقته من صرفه لحفظ القرآن أو تدبره أو أكثر من تلاوته، وما مرض قلبٌ عاش مع القرآن، وبم يترنمُّ من لم يتغَنَّ بالقرآن .. وبم يناجي ربه من لم يكن معه شيء من القرآن .. ألا وإن الذي ليس معه شيء من القرآن كالبيت الخرب .. وما هزمت أمة كان دستورها القرآن وما خاف الأعداء من شيء كخوفهم من القرآن، وما أقض مضاجعهم أكثر من عودة المسلمين للقرآن.

أيها المسلمون: عظموا كتاب ربكم واستشفوا به من أدوائكم، واطلبوا النصر به على أعدائكم، وميزوا به بين أعدائكم وأصدقائكم .. تأدبوا بآداب


(١) صحيح سنن ابن ماجه (٣٠٤٨)، وأحمد (٣٤٨).
(٢) صحيح سنن أبي داود (٤٠٥٣) ٣/ ٩١٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>