للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يا أيها الحافظ فإن تقاصرت همتُك عن هؤلاء، وقلت في نفسك: تلك أمة قد خلت، ولا سبيل لمحاكاة رجالها .. ويصعب التعلق بقصص أولي العزم فيها؟ قلتُ دونك وفي همم المعاصرين ما يشحذ العزائم، ويجدد ذكرى السابقين وقد حدثني من أثق به أن الله فتح عليه وأعانه في مرحلة من مراحل عمره، فكان يختم القرآن كل ليلة، وما انقضت العشرُ الأواخر من رمضان حتى أتم معها عشر ختمات للقرآن. وكم لله من فضل على عباده وكم في المحن من منح إلهية، وفيما تكره النفس خيرًا كثيرًا.

إنها فتوحات ربانية، وعزائم بشرية صادقة .. تقوي العزائم وتجدد الهمم، وتثبت أن في النفس قدرة على العطاء إذا ما أُخذت بالجد، واستعانت بالواحد الأحد .. ولا يكلف الله نفسًا إلا وسعها ومن لم يستطع أن يبلغ ما بلغه أولو العزائم فليتشبه بهم، وليحدث نفسه بسيرهم، وليحافظ على ما استطاع من ورده من القرآن فالعمل القليل الدائم يحبه الله، وهو وصية وسيرة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وليس في القرآن قليل، والآيتان منه خير من ناقتين كوماوين والثلاث خيرُ من ثلاث، وأربع خير من أربع ومن أعدادهن من الإبل، كذا قال المصطفى صلى الله عليه وسلم في وصيته لأهل الصفة في الغدو إلى المسجد وتلاوة كتاب الله (١).

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: {وَهَذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} (٢).


(١) رواه مسلم (٨٠٣).
(٢) سورة الأنعام، آية: ١٥٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>