للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجمهور التابعين بإحسان انقرضوا في أواخر عصر أصاغر الصحابة في إمارة ابن الزبير وعبدالملك. وجمهور تابعي التابعين انقرضوا في أواخر الدولة الأموية، وأوائل الدولة العباسية" (١).

فهذا النقل يحدد:١ - زمن جمهور الصحابة: وأنه انتهى بانتهاء خلافة الخلفاء الأربعة - رضي الله عنهم أجميعن - وآخرهم موتا هو أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، وقد استشهد رضي الله عنه سنة أربعين للهجرة (٢).

٢ - زمن جمهور التابعين: وانقرض في أواخر عصر صغار الصحابة الذي انتهى في إمارة ابن الزبير وعبدالملك بن مروان. وابن الزبير رضي الله عنه قتل سنة ٧٣هـ (٣)، وعبدالملك مات سنة ٨٦هـ (٤)، فتكون هذه المدة الزمنية هي أواخر عصر صغار الصحابة.

٣ - جمهور تابعي التابعين: انقرض في أواخر الدولة الأموية، وأوائل الدولة العباسية. والدولة الأموية انتهت بمقتل آخر خلفائهم مروان الحمار، وهو الزمن الذي قامت فيه الدولة العباسية، وذلك سنة ١٣٢هـ (٥).ويهمنا من هذه الأزمنة عصر صغار الصحابة، فهو الذي ظهرت فيه المرجئة، وقد نص شيخ الإسلام أن المرجئة ظهرت في إماراة عبدالله بن الزبير وعبدالملك بن مروان، إذ يقول: "ثم لما كان في آخر عصر الصحابة، في إمارة ابن الزبير، وعبدالملك: حدثت بدعتا المرجئة، والقدرية" (٦).ونقل في تحديد أدق لوقت ظهور بدعة الإرجاء قول قتادة: "إنما حدث الإرجاء بعد فتنة فرقة ابن الأشعث" (٧).ومراد قتادة بالفتنة خروج ابن الأشعث ومن ناصره لقتال الحجاج بن يوسف، أمير العراق لعبدالملك بن مروان، وكانت أحداث تلك الفتنة ما بين سنة ٨١ - ٨٣هـ (٨).

فعلى هذا تكون المرجئة ظهرت بعد انقراض كبار الصحابة، وبعد ذهاب جمهور التابعين، فلم يبق حينئذ إلا صغار الصحابة، وتابعي التابعين، وذلك في إمارة ابن الزبير، وعبدالملك بن مروان، ثم حصول فتنة ابن الأشعث.

فإذا جمع ما بين هذه الأوقات أمكن تحديد ظهور بدعة الإرجاء بأنه في أواخر العقد السابع وأوائل العقد الثامن من المائة الأولى للهجرة، والله أعلم.

المصدر:آراء المرجئة في مصنفات شيخ الإسلام ابن تيمية لعبدالله محمد السند - ص ٩٥


(١) ((الفتاوى)) (١٠/ ٣٥٧).
(٢) انظر: ((البداية والنهاية)) (١١/ ٢٢).
(٣) انظر: ((البداية والنهاية)) (١٢/ ١٧٧).
(٤) انظر: ((البداية والنهاية)) (١٢/ ٣٧٦، ٣٩٦).
(٥) انظر: ((البداية والنهاية)) (١٣/ ٢٤٩).
(٦) ((منهاج السنة)) (٦/ ٢٣١).
(٧) ((الإيمان)) (ص٣٧٨) ((الفتاوى)) (٧/ ٣٩٥)؛ وقول قتادة أنظره في: ((السنة))، لعبدالله: (١/ ٣١٩ رقم ٦٤٤)؛ و ((السنة)) للخلال (٤/ ٨٧ - ٨٨ رقم ١٢٣٠)؛ و ((الإبانة الكبرى)) (٢/ ٨٨٩رقم ١٢٣٥)؛ و ((شرح أصول اعتقاد أهل السنة)) (٥/ ١٠٠٢ رقم ١٨٤١).
(٨) انظر: ((البداية والنهاية)) (١٢/ ٣٠٥ - ٣٤٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>