للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال أيضاً: "فلفظ الإيمان إذا أطلق في القرآن والسنة يراد به ما يراد بلفظ البر وبلفظ التقوى وبلفظ الدين كما تقدم. فإن النبي صلى الله عليه وسلم بين أن الإيمان بضع وسبعون شعبة، أفضلها قول: لا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطرق، فكان كل ما يحبه الله يدخل في اسم الإيمان. وكذلك لفظ البر يدخل فيه جميع ذلك إذا أطلق، وكذلك لفظ التقوى، وكذلك الدين أو دين الإسلام. وكذلك روي أنهم سألوا عن الإيمان؛ فأنزل الله هذه الآية لَّيْسَ الْبِرَّ أَن تُوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ ... [البقرة: ١٧٧]. إلى أن قال: "والمقصود هنا أنه لم يثبت المدح إلا على إيمان العمل. لا على إيمان خال عن عمل" فهذا كلام شيخ الإسلام في الإيمان. ومن نقل عنه غير ذلك فهو كاذب عليه.

وأما ما جاء في الحديث: أن قوما يدخلون الجنة لم يعملوا خيرا قط؛ فليس هو عاما لكل من ترك العمل وهو يقدر عليه، وإنما هو خاص بأولئك لعذر منعهم من العمل، أو لغير ذلك من المعاني التي تلائم النصوص المحكمة، وما أجمع عليه السلف الصالح في هذا الباب.

هذا؛ واللجنة الدائمة إذ تبين ذلك، فإنها تنهى وتحذر من الجدال في أصول العقيدة؛ لما يترتب على ذلك من المحاذير العظيمة، وتوصي بالرجوع في ذلك إلى كتب السلف الصالح وأئمة الدين، المبنية على الكتاب والسنة وأقوال السلف، وتحذر من الرجوع إلى الكتب المخالفة لذلك، وإلى الكتب الحديثة الصادرة عن أناس متعالمين، لم يأخذوا العلم عن أهله ومصادره الأصيلة.

وقد اقتحموا القول في هذا الأصل العظيم من أصول الاعتقاد، وتبنوا مذهب المرجئة، ونسبوه ظلماً إلى أهل السنة والجماعة، ولبسوا بذلك على الناس، وعززوه - عدواناً - بالنقل عن شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله تعالى - وغيره من أئمة السلف بالنقول المبتورة بالنقول المبتورة، وبمتشابه القول، وعدم رده إلى المحكم من كلامهم. وإنا ننصحهم أن يتقوا الله في أنفسهم، وأن يثوبوا إلى رشدهم ولا يصدعو الصف بهذا المذهب الضال، واللجنة - أيضاً - تحذر المسلمين من الاغترار والوقوع في شراك المخالفين لما عليه جماعة المسلمين: أهل السنة والجماعة. وفق الله الجميع للعلم النافع والعمل الصالح والفقه في الدين.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه أجمعين.

اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء

عضو/ عبدالله بن عبدالرحمن الغديان

عضو/ بكر بن عبدالله أبو زيد

عضو/ صالح بن فوزان الفوزان

الرئيس/ عبدالعزيز بن عبدالله بن محمد آل الشيخ

فتوى رقم "٢١٤٣٦" وتاريخ ٨/ ٤/١٤٢١هـ

المصدر:التحذير من الإرجاء وبعض الكتب الداعية إليه فتاوى صدرت من اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء - ص ٧

<<  <  ج: ص:  >  >>