للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١ - قيل الجماعة هم السواد الأعظم، واختُلف في المقصود بالسواد الأعظم فقيل: هم كثرة الناس وهذا مردود فلا يلزم أن تكون الجماعة التي معها الحق هم الكثرة دائماً والله تعالى يقول: وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ [الأنعام:١١٦] خصوصاً إذا فهم من السواد الأعظم العوام وغيرهم.

وقيل: السواد الأعظم هم العلماء العاملون بالحق المتبعون للسنة حتى لو كان عالماً واحداً وقوّى هذا القول كثير من العلماء فقد قيل:

........................... ... وواحد كالألف إن أمر عنا

٢ - أنهم العلماء المجتهدون في كل عصر إلا أنه يرد على هذا أنه ضيق موسعاً باشتراط الوصول لرتبة الاجتهاد ثم إنه تعريف غير جامع ولا مانع فإن كل فن له علماؤه المجتهدون فيه وعلماء السلف يدخلون دخولاً أولياً في عداد أهل السنة والجماعة الممدوحة.٣ - أنهم خصوص الصحابة رضوان الله عليهم ولكنه قول غير راجح مع دخول الصحابة دخولاً أولياً في الجماعة ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم لا يحكم على المسلمين بالهلاك ما عدا الصحابة فقط ولقوله: ((من كان على مثل ما أنا عليه اليوم وأصحابي)) (١).

٤ - أنهم جماعة المسلمين إذا اجتمعوا على أميرٍ واحدٍ وجب على الجميع طاعته إلا أنه يرد على هذا القول أن الحديث لم يرد في باب الإمارة وشأنها وإنما ورد في التحذير من التفرق.٥ - أنهم جماعة على الحق أخبر عنهم الرسول صلى الله عليه وسلم بتلك الصفات دون تعيين لأسمائهم وبلدانهم (٢) وهم الفرقة الناجية والطائفة المنصورة.

وهذا هو الذي يترجح - والله أعلم - ولأهل السنة والجماعة نصيب من صحة تلك الأقوال كلها.

٢ – السلف

التعريف بالسلف في اللغة وفي الاصطلاح

أ – في اللغة: يقال سلف الرجل آباؤه المتقدمون والجمع أسلاف وسلاف وقد استدل الراغب لمجيء (٣)

السلف على المتقدم بقوله تعالى: فَجَعَلْنَاهُمْ سَلَفًا وَمَثَلًا لِلْآخِرِينَ [الزخرف:٥٦] وقوله تعالى: فَلَهُ مَا سَلَفَ [البقرة:٢٧٥] وقوله تعالى: إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ [النساء:٢٢].وقال ابن منظور: قيل: سلف الإنسان من تقدمه بالموت من آبائه وذوي قرابته ولهذا سمي الصدر الأول من التابعين السلف الصالح (٤)

.

وهذا التعريف اللغوي للسلف عام يشمل كل من سبق وتقدم على غيره وهو دون المعنى الاصطلاحي للسلف في المفهوم الحقيقي لهم.

والسلف الصالح قد تقدمونا وهم قدوتنا ولهذا فلا منافاة بين المعنى اللغوي والاصطلاحي من تلك الناحية إلا من حيث الخصوص والعموم كما سيتضح هذا عند ذكر التعريف الاصطلاحي لهم فيما يلي:

ب – التعريف الاصطلاحي:


(١) رواه الترمذي (٢٦٤١). من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، بلفظ: (ما أنا عليه وأصحابي). وقال: هذا حديث مفسّر غريب لا نعرفه مثل هذا إلا من هذا الوجه. وقال البغوي في ((شرح السنة)) (١/ ١٨٥): ثابت. وقال الحافظ العراقي في ((المغني)) (٣/ ٢٨٤): أخرجه الترمذي من حديث عبد الله بن عمرو وحسنه ... ولأبي داود من حديث معاوية وابن ماجه من حديث أنس وعوف بن مالك وهي الجماعة وأسانيدها جياد. وحسنه الألباني في ((صحيح سنن الترمذي)).
(٢) في بعض الروايات والآثار أن هذه الجماعة هم أهل الغرب "أي الدلو الكبير وهم العرب" وفي بعضها أنهم أهل الشام ورجحه شيخ الإسلام والذي رجحه عامة العلماء أن هذه الطائفة لا يلزم أن تكون في مكان واحد من الأرض ويمكن أن يكون آخرهم بالشام عند انقضاء الأمر والله أعلم.
(٣) ((المفردات)) للراغب (٢٣٩)
(٤) ((لسان العرب)) (٦/ ٣٣١).

<<  <  ج: ص:  >  >>