والجواب: جدلا: المعارضة على كون الإمكان عدميا فالأدلة تدل على أنه وجودي.
والجواب: تحقيقا:
إن المراد بعلة صحة الرؤية ما يمكن أن تتعلق به الرؤية لا ما يؤثر في الصحة، واحتياج الصحة سوءا كانت وجودية أو عدمية إلى العلة بمعنى متعلق الرؤية ضروري، ونعلم أيضا بالضرورة أنه أمر وجودي لأن المعدوم لا تصح رؤيته قطعا.
الاعتراض الثالث:
لا نسلم أن علة صحة الرؤية يجب أن تكون مشتركة.
أما أولا: فلأن صحة الرؤية ليست أمرا واحدا بل صحة رؤية الأعراض لا تماثل صحة رؤية الجوهر إذ المتماثلان ما يسد كل منهما مسد الآخر ورؤية الجسم لا تقوم مقام رؤية العرض ولا بالعكس.
وأما ثانيا: فلجواز تعليل الواحد بالنوع بالعلل المختلفة فعلى تقدير تماثل الصحتين جاز تعليلهما بعلتين مختلفتين.
والجواب:
أن المراد بعلة صحة الرؤية متعلقها، والمدعي أن متعلقها ليس خصوصية الجوهر والعرض فإنا نرى الشبح من بعيد، ولا ندرك منه إلا أنه هوية ما من الهويات، وأما خصوصية تلك الهوية وجوهريتها وعرضيتها فلا ندركها فضلا عن إدراك أنها جوهر أو عرض، وإذا رأينا زيدا فإنا نراه رؤية واحدة متعلقة بهويته ولسنا نرى أعراضه من اللون والضوء كما تقول الفلاسفة بل نرى هويته، ثم ربما نفصله إلى جواهر وأعراض تقوم بها، وربما نغفل عن ذلك التفصيل حتى لو سئلنا عن كثير منها لم نعلمها ولم نكن قد أبصرناها إذ كنا أبصرنا الهوية ولو لم يكن متعلق الرؤية هو الهوية التي بها الاشتراك بين خصوصيات الهويات بل كان متعلق الرؤية الأمر الذي به الافتراق بينها لما كان الحال كذلك؛ لأن رؤية الهوية المخصوصة الممتازة تستلزم الاطلاع على خصوصيات جواهرها وأعراضها فلا تكون مجهولة لنا، فتحقق أن متعلق الرؤية هو الهوية العامة المشتركة بين الجواهر والأعراض وبين الباري سبحانه وتعالى فتصح رؤيته.
الاعتراض الرابع:
لا نسلم أن المشترك بين الجوهر والعرض ليس إلا الوجود والحدوث فإن الإمكان مشترك بينها، وكذا المذكورية والمعلومية وسائر المفهومات العامة.
والجواب:
أن متعلق الرؤية الذي فسرنا به علة الصحة هو ما يختص بالموجود وإلا لصح رؤية المعدوم، والإمكان ليس كذلك لشمول الموجود والمعدوم وكذا سائر المفهومات الشاملة لهما فلا يصح شيء منهما متعلقا للرؤية.
الاعتراض الخامس
لا نسلم أن الحدوث لا يصلح سببا لصحة الرؤية فإن صحة الرؤية عدمية فجاز كون سببها كذلك.
والجواب: ما سبق من أن المراد بسبب الصحة متعلق الرؤية لا المؤثر فيها ولا شك في أن العدم لا يصلح متعلقا للرؤية.
وإن قيل: ليس الحدوث هو العدم السابق كما ذكرتم بل مسبوقية الوجود بالعدم فلا يكون عدميا.
قلنا: وكون الوجود مسبوقا بالعدم أمر اعتباري لا يرى ضرورة، وإلا لم يحتج حدوث الأجسام إلى دليل لكونه محسوسا.
الاعتراض السادس:
لا نسلم أن الوجود مشترك بين الواجب. والممكن كيف وقد جزيتم القول بأن وجود كل شيء نفس حقيقته، وكيف تكون حقائق الأشياء مشتركة حتى تكون حقيقة القديم مثل حقيقة الحادث، وحقيقة الفرس مثل حقيقة الإنسان. بل تكون جميع الموجودات مشتركة في حقيقة واحدة هي تمام ماهية كل واحد منها وذلك مما لا يقول به عاقل فوجب أن يكون الاشتراك في الوجود عندكم لفظيا لا معنويا.
والجواب: