للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولقد جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الأمور الثلاثة متوالية فلا بد من إخلاص العمل لله عز وجل يبتغي وجه ربه تعالى وهذا يدفعه لأن يلتزم أمر الله عز وجل وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم فيناصح ولاة الأمر. ففي الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((الدين النصيحة، قلنا لمن؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم)) (١) فجعل قاعدة الدين وما يمثله "النصيحة" والنصيحة وتشجيعهم على الحق إن سلكوه وطاعتهم على ذلك وهذا في حق القادرين عليه. وكذلك تكون النصيحة لهم بلزوم جماعتهم وهذا في حق كل أحد (٢) ولا تعني مناصحة ولاة الأمر الخروج عليهم بالسيف وقتالهم، فهذا منهي عنه لما يؤدي إليه من الفرقة والفتنة ففي الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((خيار أئمتكم الذين تحبونهم ويحبونكم ويصلون عليكم وتصلون عليهم (٣) وشرار أئمتكم الذين تبغضونهم ويبغضونكم وتلعنونهم ويلعنونكم، قيل: يا رسول الله أفلا ننابذهم بالسيف؟ فقال: لا، ما أقاموا فيكم الصلاة، وإذا رأيتم من ولاتكم شيئا تكرهونه فاكرهوا عمله ولا تنزعوا يدا من طاعة)) (٤) ولذلك عقب في حديث: ((ثلاث لا يغل عليهن ... )) (٥) عقب بعد المناصحة لولاة الأمر بالأمر الثالث وهو لزوم جماعتهم. ولقد أمر الله عز وجل نبيه وأمته تبع له بلزوم الجماعة ففي الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله أمر يحيى بن زكريا بخمس كلمات ... )) ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((وأنا آمركم بخمس الله أمرني بهن: السمع والطاعة والجهاد والهجرة والجماعة فإنه من فارق الجماعة قيد شبر فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه إلا أن يرجع)) (٦)


(١) ([٥٥]) رواه مسلم (٥٥). من حديث تميم الداري رضي الله عنه. والحديث روي عن عدد من الصحابة منهم: أبو هريرة وعبد الله بن عمر وعبد الله بن عباس رضي الله عنهم.
(٢) ([٥٦]) انظر ((الفتاوى)) (١/ ١٩)، ((فتح الباري)) (١/ ١٣٨)، ((جامع العلوم والحكم)) لابن رجب الحنبلي (١/ ٢٢٢).
(٣) ([٥٧]) معنى يصلون: أي يدعون: انظر ((صحيح مسلم بشرح النووي)) (١٢/ ٢٤٥).
(٤) ([٥٨]) رواه مسلم (١٨٥٥). من حديث عوف بن مالك رضي الله عنه.
(٥) ([٥٩]) رواه ابن ماجه (٢٣٦)، وأحمد (٣/ ٢٢٥) (١٣٣٧٤). قال الألباني في ((صحيح سنن ابن ماجه)): صحيح. وقال شعيب الأرناؤوط محقق ((المسند)): صحيح لغيره وهذا إسناد حسن. والحديث روي عن جماعة من الصحابة منهم: عمر وعثمان وعلي وعبد الله بن مسعود ومعاذ بن جبل وزيد بن ثابت وابن عمر وابن عباس وأبو هريرة وجبير بن مطعم والنعمان بن بشير رضي الله عنهم وغيرهم عدة.
(٦) ([٦٠]) رواه الترمذي (٢٨٦٣)، وأحمد (٤/ ١٣٠) (١٧٢٠٩)، والحاكم (١/ ٥٨٢). من حديث الحارث الأشعري رضي الله عنه. قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح غريب، قال محمد بن إسماعيل – البخاري - الحارث الأشعري له صحبة وله غير هذا الحديث. وقال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه. وحسنه ابن كثير في ((تفسير القرآن)) (١/ ٨٧)، وابن حجر في ((هداية الرواة)) (٣/ ٤٦٤) – كما أشار لذلك في مقدمته-. وقال الألباني في ((صحيح سنن الترمذي)): صحيح.

<<  <  ج: ص:  >  >>