من هذا العرض نخلص إلى أن الأحكام التي يصح ثبوتها في أفعال الله - عند المعتزلة - هي التفضل والواجب بقسميه المخير والمضيق، وما عدا ذلك من الأحكام فلا يصح ثبوتها في أفعال الله تعالى. وبناء على هذا؛ فالله سبحانه وتعالى لا يفعل القبيح بوجه من الوجوه، وكما أنه لا يفعله، فكذلك لا يريده (١). وقد دلل القاضي على الأمرين، فمن أدلته على أن الله لا يفعل القبيح ما يلي:
يقول القاضي: وتحرير الدلالة على ذلك، هو: أنه تعالى عالم بقبح القبيح، ومستغن عنه، عالم باستغنائه عنه، ومن كان هذه حاله لا يختار القبيح بوجه من الوجوه. ثم قال: وهذه الدلالة تنبي على أن الله تعالى عالم بقبح القبيح وأنه مستغن عنه، وعالم باستغنائه عنه، وأن من هذه حاله لا يختار القبيح بوجه من الوجوه.
أما الذي يدل على أنه تعالى عالم بقبح القبيح ... فلأنه تعالى عالم لذاته، ومن حق العالم لذاته أن يعلم جميع المعلومات على الوجوه التي يصح أن تعلم عليها، ومن الوجوه التي يصح أن يعلم المعلوم عليه قبح القبائح، فيجب أن يكون القديم تعالى عالماً به.
وأما الذي يدل على أنه تعالى مستغن عن القبيح .. فلأنه تعالى غني لا تجوز عليه الحاجة أصلاً.