للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثالثاً: قولهم هذا ينبني على زعمهم أن مرتكب الكبيرة يستحق النار مخلد فيها، وقد أبطلناه، فإذا بطل الأصل؛ بطل الفرع. رابعاً: أما قول أبي هاشم "إن الحسنات تبطل السيئات إذا زادت عليها والعكس ... " (١).

فنقول: أما قوله: إن الحسنات تبطل السيئات، فهذا نسلم به لقوله تعالى: ... إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ... الآية [هود: ١١٤].

وأما قوله: إن السيئات إذا زادت على الحسنات، فإنها تبطلها إن أراد إبطالها لبعض الحسنات، فهو مسلم به، وإن أراد إبطالها جميع الحسنات، فلا؛ لأنه لا يبطل جميع الحسنات إلا الردة، كما بيناه في مقام سابق.

خامساً: إن قول أبي هاشم ينبني على أنه لا يمكن أن يستحق المكلف الثواب والعقاب معاً، وهو باطل، لأنه لا يمتنع أن يستحقهما جميعاً فيعاقبه الله على قدر ذنبه ثم يثيبه وقد سبق بيان ذلك، فإذا بطل الأصل بطل الفرع. سادساً: يقال لأبي هاشم: يلزم على قولك هذا أنه لو كانت الطاعات بعدد المعاصي؛ للزم القول بسقوطهما معاً. وعليه فإن سقط أحدهما قبل الآخر لم يسقط المتأخر بالمتقدم عليه، لأنه بعد سقوطه لا يبقى له تأثير في إسقاط الآخر، وإن تقارن سقوطهما لزم وجودهما معاً قبل سقوطهما مع أن وجود كل منهما ينفي وجود الآخر ويمانعه؛ وذلك يدل على بطلان قول أبي هاشم في الإحباط (٢).

المصدر:المعتزلة وأصولهم الخمسة لعواد المعتق - ص ٢٥٠


(١) انظر ((المواقف)) (٨/ ٣٠٩ - ٣١٠).
(٢) ((المواقف في علم الكلام)) (ص٣٤٠)، بتصرف.

<<  <  ج: ص:  >  >>