للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كأنه لا يرى أن في الجوع وما ينال أهله من الذلة والعجز والفاقة، وأنه ليس في الحاجة إلى الغذاء، ما يكتفي به في الدلالة على أنهما مخلوقان، حتى يدعي على الكلام، ويدعي له شيئا قد أغناه الله تعالى عنه، وقالوا في قوله تعالى: وَثِيَابَكَ فَطَهِّرْ [المدثر: ٤]، إنه إنما عنى قلبه (١) " (٢).

ويظهر من هذا أن النظام وتلميذه الجاحظ خلطا بين التفاسير الصحيحة والسقيمة، فلم يبقيا شيئاً، وغرضهما هو طرح الكل؛ ما دام لا يرقى إلى عقل المعتزلة وذوقهم الذي جعلوه مقياساً للمقبول والمردود من التفاسير. قال شيخ الإسلام ابن تيمية: "ولهذا تجد المعتزلة والمرجئة والرافضة وغيرهم من أهل البدع يفسرون القرآن برأيهم ومعقولهم، وما تأولوه من اللغة، ولهذا تجدهم لا يعتمدون على أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين وأئمة المسلمين، فلا يعتمدون لا على السنة ولا على إجماع السلف وآثارهم، وإنما يعتمدون على العقل واللغة، وتجدهم لا يعتمدون على كتب التفسير المأثورة والحديث وآثار السلف، وإنما يعتمدون على كتب الأدب وكتب الكلام التي وضعها رؤوسهم" (٣).

المصدر:مناهج اللغويين في تقرير العقيدة إلى نهاية القرن الرابع الهجري لمحمد الشيخ عليو - ص ٦٤


(١) قال به ابن عباس، وسعيد بن جبير، وغيرهما. انظر: ((النكت والعيون)) (٦/ ١٣٤)، و ((زاد المسير)) (٨/ ٤٠١)، و ((الجامع لأحكام القرآن)) (١٠/ ٦٣).
(٢) ((كتاب الحيوان)) (١/ ٣٤٣ - ٣٤٥).
(٣) ((مجموع الفتاوى)) (٧/ ١١٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>