وقد استجاب للتهديد بعد ذلك الحسن بن حماد وعبيد الله بن عمرو، ولم يصمد إلا الإمام أحمد ومحمد بن نوح فحملا معا إلى بغداد. وفي الطريق بلغهم موت المأمون وتولى المعتصم من بعده، فعادوا إلى بغداد، وفي الطريق مات محمد بن نوح، وصلى عليه الإمام أحمد ثم أودع السجن عند بلوغه بغداد، وبقي فيه لمدة عامين ونصف.
ومازال أحمد بن أبي دؤاد يؤلب المعتصم على الإمام أحمد حتى أمر بإحضاره إليه، وناظره أحمد بن أبي دؤاد فأفحمه الإمام، ولكن الهوى والبدعة تغلبا بالباطل، فالتجئوا إلى إغراء الخليفة بأن مركزه سيتزعزع أمام العامة إن عرف أن الإمام هزم خليفتين، وعندها أمر المعتصم بضربه ثمانين سوطا حتى تمزق لحمه ثم أعيد إلى منزله حيث أقام فيه لا يفارقه طيلة خلافة المعتصم ثم ابنه الواثق حتى انتقلت الخلافة إلى المتوكل ابن المعتصم. وممن ابتلي واستشهد في سبيل الحق في عهد الواثق أحمد بن نصر المروزي وكان من رجال العلم والدين وذوي المروءة والأخلاق، وكان على السنة في القول بأن القرآن كلام الله غير مخلوق فامتحنه الواثق بعد أن دبر أحمد بن نصر الثورة عليه بسبب بدعته وضلالته ولكنه فشل وأخذوه إلى الواثق حيث قتله بيده عام ٢٣١هـ (١).
(١) ((البداية والنهاية)) (١٠/ ٣٠٣)، ((في أخبار المحنة)) (١٠/ ٣٣٠).