للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولد في حصة شبشير من قرى إقليم الغربية ونشأ في قرية "محلة نصر" تبعد عن دمنهور نحو خمسة عشر كيلومتراً. ولد في أواخر سنة ١٢٦٥ هـ وتعلم القراءة في منزل والده بعد أن جاوز العاشرة ثم حفظ القرآن في سنتين انتقل بعدها إلى المسجد الأحمدي بطنطا ليتعلم التجويد ومكث سنة ونصفاً ولم يفهم فيها شيئاً لرداءة طريقة التعليم فيها حسب قوله (١) عاد بعدها إلى محلة نصر وتزوج سنة ١٢٨٢هـ ثم ألزمه والده الذهاب إلى طنطا للتعلم فاستطاع الهرب في الطريق إلى بلدة "كنيسة أورين" ولجأ إلى أحد أخوال أبيه واسمه الشيخ درويش الذي حبب إليه العلم وطلبه بسبب طريقته في التدريس حتى صار طلب العلم وتحصيله أحب شيء إلى نفسه. أقام عند الشيخ درويش ١٥ يوماً انتقل بعدها إلى طنطا خوفاً من والده الذي وجهه إليها للدراسة ثم انتقل إلى الأزهر في منتصف شوال ١٢٨٢هـ فداوم على طلب العلم على شيخه ويعود إلى محلة نصر في آخر كل سنة ليتلقى الدروس من الشيخ درويش الذي يسأله ما درست المنطق؟ ما درست الحساب؟ ما درست شيئاً من مبادئ الهندسة؟ وكان الأستاذ الإمام يلتمس عند عودته إلى القاهرة هذه العلوم عند من يعرفها إلى أن جاء السيد جمال الدين الأفغاني في شهر المحرم ١٢٨٧ فتلقى عنه بعض العلوم الرياضية والفلسفية والكلامية ويدعو الناس إلى التلقي عنه فقرأ على السيد الزوراء للدواني في التصوف و (شرح القطب على الشمسية) و (المطالع) و (سلم العلوم في المنطق والهداية) و (الإشارات) و (حكمة العين) و (حكمة الإشراق في الفلسفة) و (عقائد الجلال الدواني في التوحيد) و (التوضيح مع التلويح في الأصول الوجغميني) و (تذكرة الطوسي في الهيئة القديمة) وكتاباً آخر في (الهيئة الجديدة) ... (٢) وظهر تأثير السيد على الأستاذ سريعاً فبدأ في الكتابة والتأليف واتفق مع بعض الطلاب على أن يقرأ لهم بعض الكتب في المنطق وعلم الكلام مما لم يكن يقرأ مثلها في الأزهر فكثر سواد المجتمعين عليه. حتى اشتهر أمره مما أحفظ عليه قلب الشيخ محمد عليش الذي بلغه أن محمد عبده يقرأ كتب المعتزلة والمتكلمين في الأزهر ويرجح مذهبهم وإن الشيخ عليش – كما يقول العقاد – رجلا صالحا عفيفاً عن المطامع الدنيوية التي كانت تستهوي طلاب المظاهر من علماء عصره وكان مخلصاً صادق النية في كراهة البدع التي يخشى منها على الدين (٣) وكبر عليه رحمه الله أن يقرأ أحد مثل تلك الكتب في الأزهر فأرسل إلى محمد عبده وناقشه نقاشاً أفضى إلى نزاع وخصومه قيل أنه ترك التدريس على إثرها في الأزهر وقيل أنه لم يتركه وأنه كان يضع بجانبه عصاً وقال إذا جاء الشيخ بعكازه فله هذه العصا. وعرض نفسه على لجنة الامتحان في الأزهر لنيل شهادة العالمية في سنة ١٢٩٤هـ فحصل عليها ولم يكن نيله لها بالمانع له من الاستمرار في طلب العلم فكان له في طلبه ثلاث مراحل (٤):

الأولى: الطلب على طريقة الأزهر المعروفة من مناقشة في عبارات المتون والشروح والحواشي والتقارير.

الثانية: ثم تحول عن تلك الطريقة إلى طريقة السيد الأفغاني الذي أطلقه من التقيد بعبارات المؤلفين وتعويده الحكم باليقين مع تطبيقه على حال المسلمين الحاضرة.

الثالثة: ثم أضاف إلى هذا النظر في علوم الإفرنج فقرأ مما ترجم من الكتب ثم تعلم الفرنسية وصار يقرأ بها.


(١) ((تاريخ الأستاذ الإمام)): للسيد محمد رشيد رضا (١/ ٢٠).
(٢) ((تاريخ الأستاذ الإمام)): محمد رشيد رضا (١/ ٢٦).
(٣) ((الإمام محمد عبده)): لعباس محمود العقاد (ص ١٤٠).
(٤) ((تاريخ الأستاذ الإمام)) لرشيد رضا الجزء الأول (ص ١٠٣ - ١٠٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>