للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما الذي ترجوه من امرأة تسلم أولادها لمربية وتخرج إلى واجهات المتاجر والمعارض وتتخذ وسيلة لإغراء المشترين حيث تحدثهم بأرق حديث وألينه، أو تتجه إلى آلات المصانع ودخان المعامل وتهين نفسها بين العمال والموظفين هذا يغمزها وذاك يلمزها وذاك ينظر إليها بعين النهم؟! أو تنساق وراء مغريات الحضارة والحياة الغربية وتتبع شهواتها ورغباتها والمتعة المحرمة؟ كل هذا ولا شك سبب خطير لوقوعها في الرذيلة، إن لم تختصر الطريق وتجعل الرذيلة مهنتها ... وحينئذ فلا أسرة؟ وتشتت الأسر ضياع للمجتمع، وضياع المجتمع ضياع للأمة؟ إذاً فضياع المرأة ميزان لضياع الأمة يرتفع ضياعها بارتفاع ضياع المرأة وينخفض بانخفاضه ويسلم بسلامتها، ولذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء)) (١) , وفي رواية ((أضر على أمتي)) (٢).وقبل هذا قال تعالى زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاء وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللهُ عِندَهُ حُسْنُ الْمَآبِ [آل عمران: ١٤] عدد سبحانه في هذه الآية متاع الحياة الدنيا وجعل في مقدمته النساء قال ابن حجر رحمه الله تعالى "وبدأ بهن قبل بقية الأنواع إشارة إلى أنهن الأصل في ذلك" (٣).أدرك ذلك المقياس العز لدين الله لما قيل له: إن نساء قصر الإخشيد قد أغرقن في الترف ورفعن نقاب الحياء والسرف واستهن بالفضيلة وتركن رسالتهن قال في زهو وانتصار "اليوم فتحت يا مصر" (٤).

وأدرك هذا الشاعر العربي حين قال:

الأم مدرسة إذا أعددتها ... أعددت شعباً طيب الأعراق

وأدرك هذا أيضاً الاستعمار ومن خلفه الصهيونية العالمية وجندت جنودها لهذا الهدف، ولقد خدمها ولا زال يخدمها في تحقيقه كثير وكثير من الناس منهم من يعلم أنه جند من جنود الاستعمار ومنهم من يعلم أنه جند من جنود الصهيونية نفسها ومنهم إمعة يخدمهم من حيث لا يدري.

ظهر أول كتاب في مصر يدعو إلى "تحريرها" من النظام الإسلامي سنة ١٨٩٤م عنوانه (المرأة في الشرق) لمؤلفه مرقص فهمي المحامي وبعده بسنوات خمس أصدر قاسم أمين كتابه الأول (تحرير المرأة) دعا فيه إلى:

١ - القضاء على الحجاب الإسلامي المعروف.

٢ - إباحة الاختلاط للمرأة المسلمة بالأجانب عنها.


(١) رواه البخاري (٥٠٩٦) , ومسلم (٢٧٤٠) , من حديث أسامة بن زيد رضي الله عنه.
(٢) رواه أحمد (٥/ ٢٠٠).
(٣) ((فتح الباري شرح صحيح البخاري)) ابن حجر العسقلاني (٩/ ١٣٨).
(٤) ((الحركات النسائية وصلتها بالاستعمار)) جمع محمد عطية خميس (ص ١٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>