للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١ - إما أن يكون الإجماع انعقد بعد عمر على اشتراط أن يكون الخليفة قرشياً. ٢ - وإما أن يكون قد تغير اجتهاد عمر في ذلك (١).٣ - استنتجوا من قول أبي بكر رضي الله عنه – أن العرب لا تدين إلا لهذا الحي من قريش – بأن هذا تعليل لطاعة العرب لهم فإذا تغير الحال تغير موضع الاختيار (٢)، وهكذا عللوه مع أنه ظاهر في أحقية قريش بالخلافة وهذا ما فهم منه الصحابة المهاجرون منهم والأنصار بدليل تسليمهم بالطاعة لأبي بكر رضي الله عنه حينما بين لهم هذا الدليل. وهذا القول عليه أكثر المعتزلة كما يذكر ابن أبي الحديد ذلك بقوله: " وقال أكثر أصحابنا معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((الأئمة من قريش)) (٣) أن القرشية شرط إذا وجد في قريش من يصلح للإمامة، فإن لم يكن فيها من يصلح فليست القرشية شرطاً فيها" (٤).ولا يخفى أن دعوى الخوارج استحقاق الخلافة لمن كان أهلاً لها من أي طبقة كان – هذه الدعوى قد اجتذبت بعض الموالي والعجم متطلعين إلى الخلافة، ومن الدلائل على ذلك أنه لما اشتد النزاع بين الخوارج انفصل قسم كبير منهم عن قطري وولوا عليهم عبد ربه الصغير وكان أكثرهم من الموالي والعجم، وكان سبب انفصالهم هذا أنهم طلبوا من قطري أن يعزل المقعطر، " فأبى قطري أن يعزله فقال له القوم: إنا خلعناك وولينا عبد ربه الصغير، فانفصل إلى عبد ربه أكثر من الشطر وجلهم الموالي والعجم وكان هناك منهم ثمانية آلاف وهم القراء" (٥).

ولنا أن نتساءل هل كان الخوارج صادقين في قولهم إن الإمامة حق مشاع لكل من كان كفئاً لها؟ وهل وصل أحد من الموالي إلى الحكم مصداقاً لهذه النظرية على كثرة عدد الموالي الذين كانوا في تلك الحروب مع الخوارج؟

والواقع أن الخوارج وإن نادوا بتلك الشعارات البراقة كانوا في غاية العصبية للعروبة، وكان أكثرهم من ربيعة وكانت تلك العصبية ظاهرة فيهم، فإن تولى أحد الموالي ولاية، فإنما هي حالة طائرة أملتها الظروف ريثما ينتخبون عربياً مكانه كما وقع لأبي طالوت وثابت التمار وغيرهما من الموالي. يقول عبدالرحمن النجم: " وقد انضم إلى الخوارج عدد من الموالي واشتركوا في الثورات التي قامت ضد الحكم الأموي، ووصل بعضهم إلى مركز الرئاسة ومنهم أبو طالوت سالم بن مطر الذي قاد الحركة في مراحلها الأولى في اليمامة، وثابت التمار الذي اختاره الخوارج رئيساً لهم بعد عزل نجدة ولكنه خلع بسرعة" (٦). وقد أرجع النجم هذه السرعة في عزله إلى العصبية التي كانت مستعرة بين عرب الخوارج (٧).

وقد رد كثير من العلماء على الخوارج رأيهم في جواز تولي الإمامة من غير قريش بناء على الأحاديث الواردة في أحقية قريش بالخلافة، وهذه الأحاديث منها ما جاء خبراً مطلقاً عن الخلافة أنها في قريش، ومنها ما جاء مقيداً بشرط.


(١) انظر: ((فتح الباري)) (١٣/ ١١٩).
(٢) انظر: ((الإباضية بين الفرق)) (ص ٤٦٤).
(٣) رواه الطبراني في ((المعجم الأوسط)) (٤/ ٢٦)، والحاكم (٤/ ٨٥). من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه. والحديث حسنه ابن حجر في ((موافقة الخبر الخبر)) (١/ ٤٧٢)، وقال الألباني في ((صحيح الجامع)) (٢٧٥٧): صحيح.
(٤) ((شرح نهج البلاغة)) (٩/ ٨٧).
(٥) ((الكامل)) للمبرد (٢/ ٢٣٧).
(٦) ((البحرين في صدر الإسلام)) (ص ١٣٣).
(٧) ((البحرين في صدر الإسلام)) (ص ١٣٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>