للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلا أن المؤلف انفرد بذكر أشياء لم يذكرها غيره، وهي أنه كان من ضمن الشروط أن أيما رجل أحدث حدثا من أصحاب علي ودخل في دين معاوية وحكمه؛ فليس لعلي إقامة ذلك الحد عليه لدخوله في دين معاوية وحكمه، وكذلك من أحدث من أصحاب معاوية ودخل في دين علي فليس لمعاوية إقامة ذلك الحد عليه. فهل كان من المعقول أن يتفق علي ومعاوية على تعطيل الحدود فيما بينهما؟! وقد ساق صاحب كشف الغمة ذلك الحوار كله على نحو يدلل فيه على أن معاوية وجيشه هم فئة باغية لا يجوز ترك قتالهم حتى يفيئوا إلى أمر الله، ولكن عليا لم يقف - في نظره – عند هذا الحكم الشرعي فيهم لهذا فهم براء منه. ثم قال المؤلف أخيرا يبين ما انتهت إليه محاورة ابن عباس للخوارج: "وانصرف من عندهم – يعني ابن عباس – وهو مقر لهم ومعترف لهم أنهم قد خصموه ونقضوا عليه ما جاء به مما احتج به عليهم، فقال له علي: ألا تعينني على قتالهم. فقال له: لا والله لا أقاتل قوما خصموني في الدنيا وإنهم يوم القيامة لي أخصم وعلي أقوى إن لم أكن معهم لم أكن عليهم واعتزل عنه ابن عباس رضي الله عنه ثم فارقه". ويذكر أيضا أنه قال لعلي: "فكف عن القوم فإني على ما أفلجوه" (١).ولا يخفى ما فيه رواية هذا المؤلف الخارجي لمناظرة ابن عباس من الهوى والميل إلى جانب الخوارج بإظهارهم وكأنهم في موقفهم هذا يلتزمون الحق ويلزمون الخصوم بالحجة، حتى عاد ابن عباس من عندهم مقرا لهم وملزما بحجتهم كما يزعم، خلافا لما ذكر جميع المؤرخين وكتاب (الفرق)، مهما اختلفت رواياتهم في إيراد تلك المناظرة وفي ذكر عدد من رجع من الخوارج مع ابن عباس بعد أن ألزمهم الحجة؛ ذلك أن ابن عبد ربه يذكر أن الذين رجعوا مع ابن عباس ألفان وبقي أربعة آلاف (٢). أما ابن كثير فيذكر أن ابن عباس ناظر الخوارج ثلاثة أيام فرجع منهم أربعة آلاف (٣). وقد بالغ صاحب إبانة المناهج فذكر أن الذين رجعوا مع ابن عباس عشرون ألفا وبقي أربعة آلاف (٤).


(١) ([٩١٤٩]) ((كشف الغمة)) (ص٢٨١ - ٢٨٧).
(٢) ([٩١٥٠]) ((العقد الفريد)) (٢/ ٣٨٩).
(٣) ([٩١٥١]) ((البداية والنهاية)) (٧/ ٢٨١).
(٤) ([٩١٥٢]) ((إبانة المناهج)) (ص١٦٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>