للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبعد وفاته خلفه صبي مراهق يسمى " سيفا " فأرادت العامة أن يتولى الإمام هو ولكن العلماء رأوا أنه لا يجوز توليته مادام في هذا السن، فولوا سرا عن العامة رجلا له قوة في الحكم إلا أنه ليس من العلماء ولكنه كان تحته قبضة العلماء؛ فلا يمضي أمرا إلا بعد أخذ رأيهم فيه، هذا الرجل هو " مهنا بن سلطان بن ماجد اليعربي "، وصرفوا العامة بالمداراة ولبث هذا سنة في الحكم، ثم ثار عليه " يعرب بن بلعرب بن سلطان اليعربي " سنة ١١٣٣هـ، فاستقام له الأمر مؤقتا، ثم انفتحت عليه الفتن وتفرق الناس عنه وأرغم على التنازل عن الحكم إلى الإمام " سيف بن سلطان بن سيف اليعربي " سنة ١١٣٥هـ، وكان صغير السن ثم رأوا أن يعزلوه فعزل.

ثم تولى الأمر " محمد بن ناصر العامري "، وهذا لقي من ثار عليه أيضا فقتل فرجع سيف إلى الحكم، وهكذا دخلوا في فوضى وتفرق. إلى أن جاء حكم البوسعديين فتعاقبوا على الحكم، وكان المؤسس الأول لحكمهم هو الإمام " أحمد بن سعيد "، كان واليا من قبل الإمام سيف علي صحار. هذا ما قاله السالمي عنه، ولكن نجد أن ج. ج. لوريمر يقول عنه بأنه كان تاجرا وقد وضع الإمام سيفه ثقته فيه (١). وكان هذا الرجل عالي الهمة قلما تحين الفرصة إلا وينتهزها لصالحه، وكان الفرس هم العقبة الوحيدة أمامه فعقد معهم معاهدة فلما اشتد ساعده بدأ بالفرس فأقام وليمة كبيرة دعاهم لحضورها، وفي أثنائها ألقى عليهم القبض وقتلهم ثم أجبر الحامية الفارسية في مسقط على الاستسلام فقتل منهم الضباط وكبار رجالهم، وأرسل الباقين في سفن إلى إيران مخفورين وفي أثناء سيرهم أكمل بهم الجنود الباقي فأغرقوا بهم المراكب ورجعوا.

ولا تزال نفسه تتطلع إلى مزيد من الانتصارات، إلا أنه واجه مشكلة كبيرة وهي تصدي " بلعرب بن حمير اليعربي " لمحاربته، فقد كان هذا الأخير قد عين نفسه إماما وعندما سمع بأن أحمد بن سعيد نصب إماما أعد جيشا لإخضاعه فتحصن منه أحمد بن سعيد في قلعة صغيرة بالجبال، وقد رأى – من فطنته – أن يخرج متسللا في زي أعرابي يقود الجمال فاتصل بأتباعه فاجتمع له منهم بضع مئات، ثم قادهم إلى جيش بلعرب المحاصر فما شعروا إلا والطبول تضرب من كل جهة فاندهش بلعرب وظن أنه قد حوصر من قبل جيش غاز قوي فهرب، ولكنه وقع في قبضة أحد أبناء عم أحمد فذبحه فصفا الجو لأحمد بن سعيد ولم يقم أحد لمنافسته فما مات إلا وقد سيطر سيطرة مطلقة على جميع أجزاء عمان. هذا موجز من تاريخه وقد توسع في أخباره ج. ج. لوريمر كثيرا وبين منزلته القيادية وعلاقاته مع الدول الأخرى (٢).ويقول السالمي عنه: " وقد أصدر القاضي – يعني به مفتي عمان آنذاك – قرارا يعلن فيه أن أحمد هو منقذ البلاد ويستحق أن يرفع ليكون إماما للمسلمين، وفعلا أصبح أحمد بن سعيد إمام عمان الفعلي وحاكمها المطلق " (٣).

وما جاء بعده من أسرته فإنهم في نظر الإباضية ليسوا أئمة وإنما هم سلاطين؛ إذ إن الحكم أصبح بعد أحمد بن سعيد وراثيا، وهو الأمر الذي يبطل الإمامة عندهم.


(١) ((عمان تاريخ يتكلم)) (ص١٦٣، ١٦٥).
(٢) ((دليل الخليج)) (٢/ ٦٤٢)، وقد فصل المؤلف أخباره في (ص ٦٤٤ - ٦٥٧).
(٣) ((عمان تاريخ يتكلم)) (ص١٦٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>