للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما ما قالوه هم عن أنفسهم: فنجد صاحب (كتاب الأديان) الإباضي وهو يعدد آراء الأخنس –زعيم فرقة الأخنسية –يقول: (وجوَّز تزويج نساء أهل الكبائر من قومهم على أصول أهل الاستقامة) (١).ونجده كذلك يؤكد على أنه لا يجوز من أهل القبلة إلا دماءهم في حالة قيام الحرب بينهم وبين الإباضية (٢).

ويأتي أبو زكريا الجناوني فيؤكد أنه يجوز معاملة المخالفين معاملة حسنة، غير أنه ينبغي أن يدعو إلى ترك ما به ضلوا فإن أصروا ناصبهم إمام المسلمين الحرب حتى يذعنوا للطاعة ولا يحل منهم غير دمائهم

وهناك نصوص في مسامحة الإباضية للمخالفين لهم من حسن المعاملة وعدم اغتيالهم أو استعراضهم وتحريم أموالهم. يذكرها عنهم علي يحيى معمر مع عزوها إلى قائليها في كتابه (الإباضية بين الفرق الإسلامية)، في معرض نقده كلام علماء الفرق عن الإباضية (٣). لا نرى ضرورة للتطويل بنقلها هنا.

٢ - الشدة على المخالفين:

١ - ما يقوله عنهم علماء الفرق: يقول البغدادي عنهم: (إنهم يرون أن المخالفين لهم كفار وأجازوا شهادتهم وحرموا دماءهم في السر واستحلوها في العلانية ... وزعموا أنهم في ذلك محاربون لله ولرسوله ولا يدينون دين الحق، وقالوا باستحلال بعض أموالهم دون بعض والذي استحلوه الخيل والسلاح، فأما الذهب والفضة فإنهم يردونها على أصحابها عند الغنيمة) (٤).وقد سبق قول الأشعري عنهم: وقالوا جميعاً: إن الواجب أن يستتيبوا من خالفهم في تنزيل أو تأويل، فإن تاب وإلا قتل، كان ذلك الخلاف فيما يسع جهله وفيما لا يسع (٥).

٢ - ما قالوه هم في كتبهم:

روى الجيطالي الإباضي عن الإمام عبد الوهاب أنه قال: سبعون وجهاً تحل بها الدماء، فأخبرت منها لأبي مرداس بوجهين فقال: من أين هذا من أين هذا؟ وفي كتاب سير المشائخ أن الإمام كان يقول: عندي أربعة وعشرين وجهاً تحل بها دماء أهل القبلة، ولم تكن منهم عند أبي مرداس رحمه الله إلا أربعة أوجه وقد شدد علي فيهم (٦).ويقول المارغيني منهم: (وقالت المشائخ إن هذا الدين الذي دنا به الوهبية من الإباضية من المحكِّمة دين المصطفى صلى الله عليه وسلم هو الحق عند الله وهو دين الإسلام، من مات مستقيماً عليه فهو مسلم عند الله، ومن شك فيه فليس على شيء منه، ومن مات على خلافه أو مات على كبيرة موبقة فهو عند الله من الهالكين أصحاب النار) (٧) وقال العيزابي منهم: (الحمد لله الذي جعل الحق مع واحد في الديانات فنقول معشر الإباضية الوهابية: الحق ما نحن عليه والباطل ما عليه خصومنا؛ لأن الحق عند الله واحد، ومذهبنا في الفروع صواب يحتمل الخطأ ومذهب مخالفينا خطأً يحتمل الصدق) (٨).ولا يقلُّ الورجلاني تشدداً عن من سبق، فهو يقول: فإن قال قائل: هذه أمة أحمد صلى الله عليه وسلم قد قضيتم عليها بالهلاك وبالبدعة والضلال وحكمتم عليها بدخول النار ما خلا أهل مذهبكم. قلنا: إنما قضاه رسول الله صلى الله عليه وسلم-لا نحن- بقوله: حيث يقول: ((ستفترق أمتي على ثلاث وسبعين فرقة كلهن في النار ما خلا واحدة ناجية كلهم يدعي تلك الواحدة .. )) (٩) وهناك نصوص كثيرة أخرى في تزكية مذهبهم وبطلان ما عداه من المذاهب، وأن الله لا يقبل أي دين غير دين الإباضية والوهبية عن (صاحب العقود الفضية) (١٠).والسالمي (١١) وجاعدين خميس الخروصي (١٢) وصاحب (كشف الغمة) (١٣)، وصاحب (النيل وشفاء العليل) (١٤) وابن جميع (١٥) وغيرهم من علماء الإباضية.


(١) ((كتاب الأديان)) (ص ١٠٥).
(٢) ((كتاب الأديان)) (ص ٩٩).
(٣) انظر: ((الإباضية بين الفرق الإسلامية)) (ص٣٣٥، ٣٨٥).
(٤) ((الفرق بين الفرق)) (ص ١٠٣).
(٥) ((المقالات)) (١/ ١٨٦).
(٦) ((قواعد الإسلام)) (ص ١٠٥).
(٧) ((رسالة في فرق الإباضية)) للمغرب (ص ١٣).
(٨) ((الحجة في بيان المحجة في التوحيد بلا تقليد)) (ص٣٧).
(٩) بهذا اللفظ غير موجود ولكن روي بألفاظ مقاربة كما عند أبي داود (٤٥٩٧) وأحمد (٤/ ١٠٢) (١٦٩٧٩) ورواه ابن أبي عاصم في ((السنة)) (١/ ٤) وفي ((المذكر والتذكير)) له (١/ ٨٦) وقال الألباني صحيح لغيره.
(١٠) ((العقود الفضية)) (ص ١٦٩).
(١١) ((العقود الفضية)) (ص ١٧٢).
(١٢) ((العقود الفضية)) (ص ١٧٢).
(١٣) ((كشف الغمة)) (ص٣٠٦).
(١٤) انظر: ((النيل وشفاء العليل)) (٣/ ١٠٦١، ١٠٦٢).
(١٥) ((مقدمة التوحيد)) (ص١٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>