للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وخامسها: أن علياً صاحب الحق لم ينقُل عنه أحدٌ أنه سبهما، ولا تبرأ منهما، ولا حكى أنهما من الكفار، ولا من أهل النار، ثم قال: وقد روي أنه دعا لهما، وشارك سعيهما في الإسلام، وعاضدهما في أمرهما، وجاهد معهما بنفسه ورأيه ولسانه، وبايعهما ونصرهما. قالت الزيدية: فلذلك نتوقف في حالهما، ونعتقد أنهما من فضلاء الصحابة جرت منهما خطيئة في الإمامة، الله سبحانه أعلم بحالهما فيها، ونقوله: تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُم مَّا كَسَبْتُمْ وَلاَ تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ [البقرة:١٤١] ويزعمون أن هذه الطريقة طريقة جميع العلوية كزين العابدين, وعبدالله بن الحسن وأولادهما، وهي طريقة أتقياء الشيعة (١).

وزعمت طائفة من الجارودية أن محمد بن عبدالله بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب، المعروف بالنفس الزكية حي لم يقتل، ولا يموت حتى يملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً، وقد انتظروه - كما انتظره قوم من المغيرية- وأنكروا قتله (٢) وزعمت طائفة أخرى منهم أن الموصوف بهذه الصفات هو يحيى بن عمر بن يحيى بن الحسين بن زيد بن علي (٣)، بينما زعمت طائفة ثالثة أن المشار إليه بهذه الصفات محمد بن القاسم بن علي بن عمر بن علي ابن الحسين (٤) (صاحب الطالقان)، وهم مختلفون في الأحكام والسير، فبعضهم يزعم أنَّ علمَ ولد الحسن والحسين رضي الله عنهم كعلم النبي صلى الله عليه وسلم، فيحصل لهم العلم قبل التعلم فطرة وضرورة، وبعضهم يزعم أن العلم مشترك فيهم وفي غيرهم، وجائز أن يؤخذ عنهم وعن غيرهم من العامة (٥).

السليمانية أو الجريرية:

نسبة إلى سليمان بن جرير، ويزعمون أن الإمامة شورى، وأنها تصلح بعقد رجلين من خيار المسلمين، وأنها قد تصلح في المفضول، وإن كان الفاضل أفضل في كل حال، وأن علياً كان الإمام بعد الرسول صلى الله عليه وسلم، ولكنهم أثبتوا بيعة أبي بكر وعمر باختيار الأمة حقاً اجتهادياً، غير أن الأمة أخطأت في البيعة لهما خطأ لا تستحق عليه اسم الكفر، ولا اسم الفسوق، وهي بذلك قد تركت الأصلح. وبرئت هذه الفرقة من عثمان للأحداث التي أحدثها، وأكفروه بذلك وكذلك أكفروا عائشة والزبير وطلحة رضي الله عنهم بإقدامهم على قتال علي رضي الله عنه، كما طعنوا في الرافضة لقولهم بالبداء، وهو أنهم إذا أظهروا قولاً أنه سيكون لهم قوة وشوكة وظهور، ثم لا يكون الأمر على ما أظهروه، قالوا: بدا لله تعالى في ذلك. ولقولهم أيضاً: بالتقية (٦)، وهي أن يقولوا شيئاً، فإذا قيل لهم: إنه ليس بحق، وظهر لهم البطلان، قالوا: إنما قلناه تقية، وفعلناه تقية.


(١) ((الجوهرة الخالصة))
(٢) ((مسائل الإمامة)) (ص٤٦) ((سير أعلام النبلاء)) (٦/ ٢١٨)، ((الأنساب في مادة "الدرارودية")) (٢/ ١٦٠)، ((الملل والنحل)) (١/ ١٥٩).
(٣) ((الفصل)) (٤/ ١٧٩)، ((المنية والأمل)) (٩٧).
(٤) ((شرح رسالة الحور العين)) (ص ١٥١)، ((سير أعلام النبلاء)) (١٠/ ١٩٢)، ((المنية والأمل)) (ص ٩٧)، ((الملل والنحل)) (١/ ١٥٩).
(٥) ((الملل والنحلل) (١/ ١٥٩).
(٦) ((مقالات الإسلاميين)) (ص ٦٨)، ((الجوهرة الخالصة))، ((شرح رسالة الحور العين)) (ص ١٥٥)، ((الملل والنحل)) (١/ ١٥٩ - ١٦٠)، ((الفرق بين الفرق)) (ص ١٦)، ((المنية والأمل)) (ص ٩٧)، ((الخطط المقريزية)) (٢/ ٣٥٢).

<<  <  ج: ص:  >  >>