للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذا هو ما أكده الإمام المهدي أحمد بن يحيى المرتضى بقوله: "فالزيديه - أي زيدية اليمن- منسوبةٌ إلي زيد بن علي لقولهم جميعاً بإمامته، وإن لم يكونوا على مذهبه في مسائل الفروع، وهي تخالف الشافعية والحنفية في ذلك؛ لأنهم إنما نسبوا إلى أبي حنيفة والشافعي، لمتابعتهم لهما في الفروع. قال الحاكم: "والزيدية يجمع مذهبهم تفضيل علي على سائر الصحابة، وأوليته بالإمامة، وقصرها من بعد الحسنين في البطنين، أي في ذريتهما، واستحقاقها إنما يثبت بالفضل والطلب لا بالوراثة كما تقوله العباسية، ويعتقدون وجوب الخروج على الجائرين، ويرون القول بالتوحيد والعدل والوعد والوعيد كالمعتزلة (١).وقد أضاف الإمام يحيى بن حمزة إلى ما تقدم ما يلي: "فمن كان على عقيدته في الديانة والمسائل الإلهية، والقول بالحكمة، والاعتراف بالوعد والوعيد، وحصر الإمامة في الفرقة الفاطمية، والنص في الإمامة على الثلاثة الذين هم علي وولده، وأن طريق الإمامة الدعوة في من عداهم، فمن كان مقراً في هذه الأصول، فهو زيدي" (٢).كذلك فإن الزيدية الهادوية في اليمن جعلوا علياً وفاطمة والحسنين معصومين كالأنبياء، وأن إجماعهم حُجَّة، كما أن إجماع علماء أبنائهم أيضاً حجة لأنهم هم وحدهم آل محمد من بين أمة محمد. وإجماع الآل حجة، وأن علياً بخاصة معصوم، وقوله حجة كحجة الكتاب والسنة (٣).وحينما قدم الإمام الهادي يحيى بن الحسين إلى اليمن كان متأخرو الزيدية في الجيل والديلم قد انقسموا إلى قاسمية وناصرية (٤)، وكان يخطّئ بعضهم بعضاً، حتى خرج المهدي أبو عبدالله الداعي، وألقى إليهم: أن كل مجتهد مصيب (٥)، وكذلك كان زيدية اليمن يعتقدون أن المصيب في الاجتهاديات واحد، والحق معه إلى زمن الإمام المتوكل أحمد بن سليمان. وذكر الإمام محمد بن إبراهيم الوزير أن الزيدية (زيدية اليمن) فرقة واحدة من الشيعة قد تفرقت إلى مخترعة ومطرفية وجارودية وصالحية وحسينية وفي الفروع مؤيدية وهادوية وناصرية وقاسمية، وأهل الكوفة منهم على مذهب أحمد بن عيسى والحسن بن يحيى ومحمد بن منصور كما ذكره صاحب (الجامع الكافي)، ووقع بينهما تفسيق وتأثيم على الاختلاف في الفروع كما حكاه أبو العباس في تلفيقه رحمه الله (دع عنك الأصول)، واشتد خلافهم من بعد الإمام المنصور بالله في الأئمة، فافترقوا على الداعي وعلى الإمام أحمد بن الحسين افتراقاً قبيحاً كفر بعضهم بعضاً (٦).


(١) ((المنية والأمل)) (ص ٩٦).
(٢) ((الرسالة الوازعة)) (ص ٢٨).
(٣) ((المنية والأمل)) (ص ١٠٢)، ((اليمن: الإنسان والحضارة)) (ص ١٠٢).
(٤) الناصرية: نسبة إلى الناصر الحسن بن علي بن عمر بن علي بن الحسين الملقب بالأطروش، لطرش كان في أذنيه، ولد سنة ٢٣٠هـ ودعا إلى نفسه بالإمامة في الجبل والديلم، وتلقب بالناصر، توفى قتلاً سنة ٣٠٤هـ. ((الحريق)) (ص ١١).
(٥) ((المنية والأمل)) (ص ٩٧).
(٦) ((العواصم والقواصم)) (٣/ ٤٥٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>